الدكتور : سالم الهمالي
ذلك العام كنّا طلبة بالسنة الخامسة كلية الطب البشري (جامعة العرب الطبية) بمدينة بنغازي، في لقاء مع مسؤول بالكلية الدكتور منصور بن عامر (رحمه الله) تناول انطباعاتنا عن التدريس والمناهج من خلال تجربتنا كطلبة، تشعبت الآراء والاقتراحات وهو يسمع هذا وذاك بقدر يسير من الأسئلة لتوضيح مقصد او تفسير إشكالية، حتى عم شعور ان هناك تغيرات كبيرة سوف تستحدث على العملية التعليمية فِي المناهج والتخصصات.
منصور بن عامر استشاري في امراض العيون شخصيّة هادئة جدا، يسمع كثيرا ويتحدث قليلا، ولا يتكلم إلا بعد ان تختمر الأفكار في ذهنه ويستكمل سماع الآخرين، وبذلك ينحو كلامه للقطعية، بحيث لا يترك مجال للأخذ والرد. كنت حينها ممن استيقنوا وجوب التغيير بملا لمسته في عنايته بالجلسة والحوار والتعليقات. إلا ان الأمر انتهى لغير ما ظننت!
حَوصل اللقاء بشكر الحضور، وأردف ان المناهج وطرق التدريس المستخدمة اثبتت فعاليتها، والشاهد على ذلك ان خريجي الكلية انخرطوا في برامج تدريب في اغلب الدول المتقدمة (امريكا، كندا، بريطانيا، أيرلندا، يوغسلافيا، …) وأداءهم جيد جدا بما يبعث على الاطمئنان، ولذلك “لا يجب ان نغير شيء فقط لغاية التغيير، بل يجب ان يكون التغيير للأفضل“
اعطى مثال على ذلك، اذ كانت ملاحظات الطلبة الحضور دقيقة في بعض الحالات المرضية منها (انفصال شبكية العين)، مذكرا ان تركيز الجهود بمعالجة التراخوما ينقذ اعدادا مضاعفة من العمى بالمقارنة.
استغرب ممن يصبح مسؤول بين يوم وليلة، وقبل ان يقول (بسم الله) يصدر قراراته بتغيير أمور تحتاج دراسة من عقول ذات اختصاص ولفترة طويلة قبل الخوض فيها … اعترف:
ان الكفاءات التي تقود البلاد لا يليق بها إلا هذه الروح من التغيير المتواصل، … والكفاح مستمر
بدأت الدراسة في كلية طب جامعة قاريونس، كانت تسمى جامعة بنغازي، ثم تخرجت بعد ان تغير الاسم إلى العرب الطبية، وعلمت بعد ذلك ان الاسم عاد إلى ما كان عليه ولا وجود للعرب الطبية … عرفت كيف!!