دعوة الإقاليم جهل بالتاريخ و الديموجرافيا

دعوة الإقاليم جهل بالتاريخ و الديموجرافيا

رمضان عبدالسلام

الدعوة إلى إعادة ليبيا إلى حال الأقاليم الثلاث التي كانت عليها دعوة جاهلة واهنة ؛ فليبيا اليوم ليست تلك التي قبل 70 عاماً حين تآلفت برقة و طرابلس و فزان و شكّلتها .. فبرقة لم تكن كذلك و لا فزان و لا طرابلس ..بل إن الليبيين من الناحية القانوتية لم يكونوا إلّا بعد تأسيس ليبيا بثلاث سنوات أي عام 1954 ، حين صدر القانون رقم 17 لسنة 1954 بشأن الجنسية، و على هذا فملك ليبيا و الذين نادوا به و الجمعية الوطنية و كل سكان تلك الجغرافيا لم يكونوا ليبيين يوم إعلان ليبيا كدولة و ليس لأي أحدٍ فيهم حق الإدعاء بأنه ليبي و غيره لا ، فهم متساوون في ليبيتهم و عدمها ..و هم من ناحية اجتماعية اعراق مختلفة من جوار تلك البقعة و من أقاصيها حتى آسيا الوسطى و أعماق أفريقيا إلى قمة أوروبا.. و لابد للذين يدعون اليوم للعودة للأقاليم القديمة أن يدركوا ان هوامش تلك الأقاليم صارت اليوم من حيث عدد السكان ، بحجم تلك الأقاليم نفسها أو أكبر منها بكثير ففي سنة 1954 بعد عملية الإحصاء ( الحصر) التي جرت إنفاذا لقانون الجنسية المشار إليه كان عدد سكان ليبيا (1.091.830 ) نسمة موزعون حسب الأقاليم الثلاث التي ألفت ليبيا حينها: طرابلس 746064 نسمة برقــــة 291328 نسمة فـــــزان 54483 نسمة أي ان عدد سكان برقة حينها يساوي الآن عدد سكان منطقة سرت الجفرة التي كانت من هوامش طرابلس و فزان ، كما إن عدد سكان منطقة الجفرة وحدها الآن يفوق عدد سكان ولاية فزّان كلها حين كانت الجفرة على هامشها .. و لذلك على الذين “يغنّون” بالأقسام التاريخية لليبيا أن يدركوا حجم التغيرات الديمغرافية التي حصلت خلال السبعين عاما، فالظروف التي جعلت من:الجنوب الشرقي في ليبيا و الجنوب الغربي و الأوسط كذلك و الشمال الأوسط ” سرت الجفرة” و الجبل الغربي و البطنان و بن وليد و ترهونة و والجفارة و الساحل الغربي و قدم الجبل ؛ أي معظم ليبيا؛ هوامش منسية و منافي للموظفين المغضوب عليهم في ذلك الزمن ليست قائمة اليوم، بما في ذلك حجم الوعي بين السكان الذين لن يسمحوا بتكرار تهميشهم ..فعلى ماذا سيقيم دعاة الأقاليم أقاليمهم؟إن إستقرار ليبيا هو في تقسيمها إلى وحدات إدارية متناسبة المساحة الجغرافية و توزيع مواردها بالتساوي على سكانها بمعايير علمية للحيلولة دون المركزية و التهميش و ليس بتقسيمها طمعاً بالإستئثار بمواردها لصالح ثلاث أو أربع مراكز ثقل سكاني لتبقي على بقيتها المهمشة، مهمشة ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :