دفء حبيبي

دفء حبيبي

قصة قصيرة :: آسيا الشقروني 

أدرتُ محرك السيارة،وكان الوقت بعد مغيب الشمس بقليل،يبدو الشارع ساكناً وخالياً من المارة،حتى السيارات، لم تمر أي سيارة بجانبي تأملت الأشجار العالية على جانبي الشارع الأضواء تتناثر هنا وهناك،صوت خطواته السريعة وهو ينزل من الدرج من الطابق الثاني للبناية ،أفاقني من شرودي،فتح باب السيارة بسرعة لدرجة أنه نسي إغلاق بوابة البناية،ذكرته بإغلاقها ،نزل وأغلقها وعاد ليركب السيارة بنفس السرعة .
حبيبي من النوع العصري لا يهمه الركوب مع امرأة تقود السيارة وهذه إحدى صفاته الألف التي أحبه لأجلها،،،أو لا يوجد ألف ولكن أحبه.
انطلقت بالسيارة ،بدأنا حديثاً عادياً حول ما فعله اليوم ربط حزام الأمان،وتهادت السيارة بنا، بين الشوارع الفرعية وبعدها الرئيسية ،إلى أن وصلنا للطريق السريع ،كانت تسير سيارة خلفي مباشرة،،،سائقها لم يستعمل الضوء القوي أو المنبه؛ ولكن عرفت من اقترابه مني أنه يريد المرور بسرعة،، شغلت الإشارة الجانية وانتقلت إلى يمين الطريق ومر هو مسرعاً،أخبرت حبيبي كم الجو بارد في الخارج ، ووضعت يدي اليمنى على يده اليسرى فوضع بالتالي يده الأخرى ليطبق على يدي .
يا الله! كم كانت يداه دافئتان ،رغم ضآلتهما النسبية ،وقال: فعلاً إن يداي باردتان غمرني دفء أحسست معه بشعور ممتع ، كان الفرق كبيرا بين دفء يديه وبرودة يدي ،أبطأت سرعة السيارة وثبتها على سرعة 80 كم في الساعة،لأتنعم بهذه الرفقة الطيبة و لأستمتع أكبر قدر ممكن من هذا الدفء ،كانت المباني تمر مسرعة والسيارات أيضا وغرق كلانا في صمت جميل لتأمل روعة الليل وسكونه.
الدفء بدأ يسري في كل ذراعي ،انتبهت كم كانت يدي اليسرى باردة على المقود،الذي كان بدوره أشد برودة ،وأحسست حينها بغيرة يدي التي تقود من يدي الأخرى التي تنام بهدوء في أحضان يديه.
طالت فترة سكوتنا اختلست النظر إليه، وجدته نائماً ورأسه مائل للخلف،لكنه مازال يحضن يدي بقوة،بعد فترة أحسست بثقل يده فوق يدي، وهذا من تأثير النوم، وصلت لأخذ منعطف لليمين،يا إلهي في نهاية المنعطف مطب يمكن أن يفيقه من النوم، خففت السرعة كي لا يستيقظ ،فأنا أعرف كم هو مجهد من يومه الحافل بالنشاطات ،مر المنعطف بسلام ،و اختلست النظر إليه مجدداً، الحمد لله لم يفق .
الهاتف الآن يرن ،أين هو؟ انحنيت لألتقطه من الحقيبة،ياربي الحقيبة في يدي ولكن الرنين لازال مستمرا، والصوت لا يأتي منها ،حسنا إنه على المقعد الذي بجواري وهو نائم،والرنين لا يتوقف ،سحبت يدي من يديه وهي تبكي لحرمانها دفئها ودسستها في المقعد وأخرجت الهاتف ،إنه رقم زوجي أجبته بسرعة” أهلا ،حاضر، ولكن أنا خارج المنزل، حاولت إخبارك ولم ترد على الهاتف ،ذاهبة إلى بيت أمي لن أتأخر ،حاضر ، مع السلامة”.
أنهيت المكالمة ،وضعت الهاتف ، يدي فورا رجعت لتأخذ مكانها السابق بين يديه،هو لازال يغط في نوم عميق، وجه ملائكي ،الفم الجميل الصغير مفتوح قليلا وهذا ما شجعني لأدس يدي داخل يديه،حتى وهو في نومه وكأنه شعر بها، فهي لم تجد صعوبة لترجع إلى عرشها ، وأطبق يده عليها ليس كما السابق ولكن لا بأس، أمامي الطريق مليئة بالتعرجات، و أصبحت الشوارع فرعية ، حفر، مطبات ،وأخيراً وصلنا لهدفنا المنشود :
“محمد ،محمد ،نوض ولدي، وصلنا لحوش حناك”.

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :