“الدولة الفاشلة هي دولة ذات حكومة مركزية ضعيفة أو غير فعالة، حتى أنها لا تملك إلا القليل من السيطرة على جزء كبير من أراضيها” ليبيا .. مثال واقعي عن “الدولة الفاشلة” وللأسف فإن الكثيرين من أبنائها شاركوا في إيصالها لهذا الحال (عمداً أو جهلاً)، فالبعض مستفاد من هذه الحالة التي وصلت إليها الدولة وعلى رأسهم ‘صناع الأزمات’ من قطع للكهرباء ونقص في السيولة وتأخر المرتبات وارتفاع أسعار الدولار والسلع الاستهلاكية وتأخر المرتبات والفوضى الأمنية .. ويمكن تلخيص أعداء الدولة والشعب الحقيقيين في الفئات التالية : 1. عصابات الإجرام المنظم : المهربين وتجار الحروب والبشر الذين يضربون الاقتصاد الليبي في مقتل بتهريب الوقود والسلع المدعومة إلى دول الجوار. 2. الساسة والأحزاب الفاسدين : المتصارعين على السلطة على حساب تردي الأوضاع المعيشية والعقيمين الإنتاج السياسي لأي حلول أو مبادرات. 3. المليشيات الثورجية المسلحة : الذين امتهنوا الثورة كمصدر رزق ونصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب، ولا يؤمنون بصناديق الاقتراع. 4. الجماعات الأيدلوجية المتأسلمة : والذين يتلقون فتاواهم وتوجيهاتهم وأوامرهم من ما وراء الحدود، ويحاولون فرض رؤاهم على الشعب. 5. الوسائل الإعلامية المنفلتة : والتي لا ترعى أدنى معايير المصداقية والمهنية وتساهم في ترويج الشائعات والأفكار الفوضوية وتسطيح فكر الشعب. وقد انضم لكل هذه الفئات السابقة مؤخراً فئة جديدة وهم المسئولين المنشقين عن الدولة والذين اختطفوا مؤسسات وشركات وهيئات حكومية وأصبحوا لا يتلقون أو لا ينفذون أي تعليمات لا تروق لهم أو حسب مصالحهم ومزاجهم ولا يقبلوا الإقالة أو التقاعد ويضربون بعرض الحائط كل المبادئ الأخلاقية والمهنية والأمانة الوظيفية خصوصاً أولائك المؤتمنين على تمثيل بلدهم في البعثات الدبلوماسية في الخارج أو الذين يرأسون مؤسسات حكومية حساسة مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والشركات الاستثمارية، وأصبحوا يغيرون ولاءاتهم ويقفزون من حكومة إلى الأخرى ليعودوا فيقفزون إلى السابقة كلما عنَّا لهم ذلك، أو يهددون بسحب اعتراف مزعوم من قبل مؤسساتهم بهذه الحكومة أو تلك وهذه طامة كبرى تُصيب الدولة من المفترض أن يكونوا “رجال الدولة”. إذا كنا نعيب على الشباب المنضمين للمليشيات المسلحة أو قطاع الطرق طيشهم وقصر نظرهم في تدمير أوطانهم إلا أننا نجد العذر في جهالة بشؤون الدولة وأهمية الحفاظ على التنظيم، إلا أننا لا نجد العذر لمن يترأسون مؤسسات الدولة الرفيعة في تمردهم وعصيانهم إلا أن نقول “المصالح الشخصية هي الصخرة التي تتحطم عليها المبادئ”. نرفض كل المبررات والحجج التي يسوقها كل موظف مهما علت رتبته في رفضه تنفيذ التعليمات والأوامر الصادرة له من الحكومة المعترف بها دولياً والوحيدة الممثلة للشعب الليبي والتي تمتلك تأييد ودعم شعبي منقطع النظير والتي نعول عليها لإخراج ليبيا من هذا النفق المظلم. إذا تُرك المجال لكل موظف في تنفيذ أو عدم تنفيذ التعليمات حسب أهواءه ووجهة نظره فلا مجال للحديث عن دولة واحدة بل سنكون في ما يشبه مجموعة دول وكل رئيس مؤسسة أو بعثة دبلوماسية يشعر إنها مِلك مقدس له لا يحق نزاعه فيها وما يراه هو المصلحة الوطنية ينفذه دون الرجوع للسلطة الشرعية في الدولة.
“إذا كـــان ربُ البيتِ بالدفِ ضاربٌ فشيمـةٌ أهلِ البيتِ كلهم الرقصُ”
حسن منصور الوافي