تلقى رجل الأعمال السوداني يوسف الليثي اتصالاً هاتفياً من جهاز الأمن والمخابرات السوداني، أبلغه فيه أن عناصر يودون زيارته في منزله في الخرطوم، فتأكد أن أمراً سيئاً حدث لابنته التي تقاتل إلى جانب تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في ليبيا. ويروي يوسف لوكالة “فرانس برس”: “أبلغوني أن ابنتي آية قتلت في سرت”. واستعادت قوات موالية لحكومة “الوفاق الوطني” الليبية مدينة سرت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعدما كان تنظيم “الدولة الإسلامية” يسيطر عليها.
ويضيف يوسف “قالوا إن لديهم أخباراً سارة، آية لها طفلة عمرها أربعة أشهر”. واختفت آية، ابنة العشرين عاماً والطالبة السابقة بكلية الطب، في أغسطس/آب 2015، وشوهدت آخر مرة في مطعم في مدينة الخرطوم ذهبت إليه بعد ساعات من إنهائها امتحاناتها. وعلى مدى شهرين، لم يعرف مكان وجودها. ثم تلقى والدها اتصالا هاتفيا منها أفادته فيه بأنها التحقت بتنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا برفقة أربع من صديقاتها من الخرطوم. ويشير يوسف إلى أن بعض أصدقاء آية الذين التحقوا بالتنظيم المتطرف يحملون جوازات سفر أميركية وأوروبية. لكنه قال خلال لقائه “فرانس برس” بمنزله الفخم في ضاحية العاصمة السودانية: “كنت متأكدا أنها لن تذهب بسبب جوازها السوداني، لا أعرف كيف حدث ذلك”.
سافرت آية إلى ليبيا برّاً. وبعد أيام قليلة من اختفائها، عثر على جواز سفرها في شقة بالخرطوم. ويقول يوسف، وهو يعرض وثيقة زواج آية الصادرة عن تنظيم “داعش” في سرت، إن ابنته تزوجت من سوداني ينتمي إلى التنظيم وكان يدرس معها في الجامعة. ولا يعرف يوسف تفاصيل مقتلها مع زوجها الذي قتل أيضاً. ويتحدث الوالد المفجوع وزوجته منال فضل الله عن تغيرات سريعة حدثت لابنتهم قبل التحاقها بالمقاتلين، ومنها أن ابنتهما التي درست في أبوظبي حيث عاشت أسرتها لسنوات، كانت تستمع للموسيقى الغربية وتقرأ روايات إنكليزية، لكنها انتقلت إلى الإسلام المتشدد بسرعة.
وقال يوسف وزوجته التي كانت تطعم حفيدتهما لجين، إن شخصيتها تغيرت في عامها الجامعي الثاني. وتحولت إلى ارتداء الحجاب، وإنها فجأة توقفت عن مرافقة والديها في الزيارات الاجتماعية وعن مصافحة الرجال. ويضيف يوسف “أصبحت معزولة في عالمها الخاص”. وتتابع أمها “يومياً كان هناك تغيير في حياتها. وعندما أسألها من وراء هذا التغيير؟ كانت تجيب: الآن عرفت ربي”. ويوضح الوالد أنه بسبب ثقته بابنته، لم يفكر يوماً في التضييق عليها، أو التدقيق في هاتفها أو حاسوبها. ويعاني الوالدان من الصدمة من كيفية تغير حياة آية وهما يتفرجان على ألبوم صور الأسرة.
وتقول منال، وهي تستعرض صور آية عندما كانت طفلة، “كانت تحب الذهاب إلى المدرسة وارتداء الملابس الجديدة في أيام الاحتفالات”. كذلك تشير إلى صورة لها في مدرستها بأبوظبي، تجلس إلى جانب سانتا كلوز أثناء احتفال بعيد الميلاد. وفي أخرى، أثناء إجازة على شاطئ مدينة الإسكندرية المصرية مع أسرتها. ويؤكد يوسف “صدمتنا ستستمر سنوات”. لكن بات لوالدي آية اليوم هدف يقضي بتنشئة ابنتها لجين التي تسلمها جدها من ليبيا في فبراير/شباط الماضي. ورافقت الليثي سيدتان سودانيتان تمثلان السلطات السودانية في رحلته إلى مدينة مصراتة الليبية، حيث كان الهلال الأحمر الليبي يعتني بلجين.