تتألف جمهورية سنغافورة من جزيرة سنغافورة الرئيسية بالإضافة إلى 59 جزيرة صغيرة متناثرة عند الطرف الجنوب الشرقي من شبه جزيرة (ملقة). أما جزيرة سنغافورة فتنفصل عن ماليزيا بمضيق (جوهر) عند الشمال، وعن اندونيسيا من الجنوب عبر مضيق سنغافورة. ولسنغافورة موقع استراتيجي حيوي باعتبارها صلة وصل بحرية ما بين المحيط الهندي غربا وبحر الصين شرقا، أما مدينة سنغافورة، القائمة عند الطرف الجنوب الشرقي للجزيرة فهي واحدة من أهم المراكز التجارية في جنوب شرقي آسيا. مساحة سنغافورة الإجمالية 648 كيلومترا، أي أقل من نصف مساحة بلد كلبنان، وهي بالإجمال أراض منخفضة باستثناء بعض الهضاب في الوسط، وهي تتغذى بالمياه من ستة أنهار صغيرة تستخدم في نقل البضائع أيضا.
ويعد المسلمون في سنغافورة من أنشط الاقليات المسلمة في جنوب شرقي آسيا، كما أنهم أسبق وجوداً من المجتمعات الأخرى التي يتكون منها المجتمع السنغافوري،.
ومع المد الاستعماري الذي اجتاح دول شرق آسيا وقعت سنغافورة كغيرها في يد المستعمر الأوروبي مما أربك مسيرة العمل الإسلامي، وأثر كثيراً على جهود الدعاة.
وقد سعى المسلمون إلى المحافظة على هويتهم الإسلامية خوفاً من تأثرهم بالثقافات الوافدة مع المستعمر الأجنبي.
.
وفي إحصائية نشرها موقع «ويب إسلام» الأسباني عن المسلمين في سنغافورة جاء فيه أن عدد المسلمين في سنغافورة وصل إلى 543,000 شخص ونسبتهم تعادل 20٪ من إجمالي السكان.
وبعد قرون طويلة من بقائها شبه مقفرة، وصل عدد سكان سنغافورة في عام 1819م إلى حوالي 150 ألف شخص، شكل الصينيون 78 في المائة، والماليزيون 14 في المائة، والهنود 6 في المائة. وكانوا من المهاجرين الذين استقطبتهم إلى تلك الجزيرة خريطة المبادلات التجارية القائمة ضمن إطار الإمبراطورية البريطانية. أما الآن فقد قفز عدد سكان سنغافورة إلى حوالي 3,7 ملايين، بمعدل كثافة سكانية في حدود 5500 ساكن في الكيلومتر المربع يتوزعون بصورة أساسية في القسم الجنوبي من الجزيرة. ولقد فرضت سنغافورة إلزامية التعليم الابتدائي المجاني وبموازنة ضخمة تتجاوز 20 في المائة.
وقد تحولت سنغافورة إلى جمهورية برلمانية اعتبارا من 22 كانون الأول «ديسمبر» 1965م، بعد انفصالها عن ماليزيا وانتخاب رئيسها يتم عبر التصويت الشعبي ثم يقوم هو بتسمية رئيس الحكومة. أما برلمانها المؤلف من 81 نائبا فيستوحي أنظمته وطريقة عمله من النموذج البريطاني.
الحزب السياسي الأساسي في سنغافورة هو (حزب العمل الشعبي)، المسيطر على الحياة السياسية منذ الاستقلال عام 1963م، بالإضافة إلى الحزبين، الديمقراطي والعمالي، المتمتعين بعدد من المقاعد البرلمانية. أما جيش سنغافورة فمؤلف من 14000 جندي، والموازنة الدفاعية 0,6 في المائة.
ولسنغافورة نمو اقتصادي متواصل بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي مما جعل المبادلات التجارية الدولية شريان الحياة الأساسي لاقتصاد سنغافورة، التي تتمتع منذ عام 1966م بمعدل نمو اقتصادي مرتفع يتجاوز 8,5 في المائة سنوياً، منعكساً على سكانها بأعلى مستوى حياة في المنطقة. وبعوائد المبادلات التجارية يتغذى الاقتصاد السنغافوري من تعددية في الصناعات اليدوية المحلية. وبالإجمال، وحسب أرقام عام 1997م، فقد بلغ صافي الدخل القومي في سنغافورة 96,3 مليار دولار، أي بمعدل 31,040 دولاراً للفرد، مما يضع هذه الجزيرة الصغيرة في مصاف الدول الغنية. لا أهمية للزراعة في سنغافورة التي تشكل الأراضي الزراعية فيها أقل من 10 في المائة من المساحة الإجمالية، التي تقتصر إجمالا على الأشجار المثمرة، والشيء نفسه بالنسبة إلى الصيد البحري المقتصر على تصنيع حوالي 15 طنا من الأسماك سنويا.
واعتبارا من الستينيات، انطلقت سنغافورة في نهضة صناعية شملت كل القطاعات تقريبا: منتجات كيميائية، منتجات صيدلانية، تجهيزات الكترونية، أنسجة، منتجات بلاستيكية ومطاطية وفولاذية ونفطية، وبسلة إجمالية تقارب أربعين مليون طن سنويا، عدا الصناعات الغذائية، وسنغافورة هي الآن، ومنذ سنوات، أحد كبار مصدّري اسطوانات الكمبيوتر في العالم، إضافة إلى أنها واحدة من أهم مراكز صيانة السفن في العالم. أما احتياجاتها إلى الطاقة فتؤمنها سنغافورة بواسطة أربعة مفاعلات كهروحرارية يصل إنتاجها إلى حوالي 25 مليار كيلوواط.
العملة الوطنية هي الدولار السنغافوري الأقل بقليل من الدولار الأمريكي، والخدمات المالية التي تقدمها الجزيرة الصغيرة لمعظم بلدان المنطقة تشكل 27 في المائة من دخلها القومي، وفيها أكثر من 60 مصرفاً تجارياً، بالإضافة إلى بورصة مزدهرة لتبادل العملات الآسيوية وبفوائد تشجيعية. ولديها احتياطي عملات صعبة بحدود ستين مليار دولار، ومن أبرز شركائها التجاريين الولايات المتحدة واليابان وماليزيا والصين وألمانيا وتايوان وهونج كونج. وعلى الرغم من رفاهية الفرد السنغافوري فهو يجد صعوبة خاصة في الحصول على سيارة عائلية، وذلك بفعل الحرص الرسمي على السلامة البيئية وبرغم تمتع الجزيرة بشبكة طرقات إسفلتية راقية بطول 3000 كيلومتر، إضافة إلى خطوط حديدية بطول 26 كيلومترا تصلها بالخطوط الماليزية عبر مضيق جوهر، إضافة إلى مطارها الذي هو من أكبر المطارات الدولية في آسيا والمؤهل للرحلات الداخلية والقارية. وتبقى الناحية الإعلامية حيث تعمل في سنغافورة تسع محطات راديو وثلاث شبكات تليفزيونية إلى جانب ثماني صحف يومية، إنما تخضع معظم وسائل الإعلام إلى رقابة مشددة من جانب السلطات المحلية.
(توماسيك) هو اسمها الأصلي، أما (سنغابورا)، أي مدينة الأسد، فقد أطلق عليها اعتبارا من القرن الرابع عشر لدى انتقالها إلى سلطة (مملكة ملقة) ثم إلى سلطة (جوهر ريو).. ولاحقا استعمرها الانجليز وعملوا في عام 1819م على تحويلها من قرية صيادين بائسة إلى مدينة حديثة لحساب (شركة الهند الشرقية). في عام 1826م عرفت سنغافورة رخاء قياسا نتيجة لاهتمام دول الاستعمار الأوروبي بالوصلات والمضايق البحرية وخصوصا بعد افتتاح قناة السويس عام 1869م، وهذا ما أدى إلى تدفق الهجرات السكانية إليها ومن مختلف العرقيات الإقليمية.
في عام 1921م حول البريطانيون سنغافورة إلى قاعدتهم العسكرية البحرية الأساسية في جنوب شرقي آسيا. لكن القوات اليابانية احتلتها بسهولة في بدايات الحرب العالمية الثانية، في شتاء عام 1942م، لكن القوات البريطانية عادت واحتلتها في خريف عام 1945م، وفي العام التالي فصلتها عن ماليزيا وألحقتها بالتاج البريطاني.
وفي صيف 1959م أصبحت سنغافورة دولة مستقلة تابعة لمنظومة الكومنولث، ثم في عام 1963م جرى توحيدها مع ماليزيا وسرواك وبورنيو لتؤلف معا دولة ماليزيا الحالية، لكن سنغافورة عادت وانفصلت عن ماليزيا عام 1965م لتعود دولة مستقلة وعضوا في منظمة الأمم المتحدة لكن ضمن إطار الكومنولث. اختارت النظام الجمهوري وكان أول رؤسائها (انش يوسف بن اسحق)، كما اختارت، ولا تزال، الانضواء ضمن السياسات الأمريكية. ولدى جلاء آخر جندي بريطاني عن أراضيها عام 1971م، دخلت سنغافورة في حلف دفاعي مع استراليا وبريطانيا وماليزيا ونيوزيلندا.. ثم مع انتهاء حرب فيتنام مالت سنغافورة نحو سياسة أقل تشددا تجاه البلدان الشيوعية وتوجت ذلك باعترافها الرسمي بالنظام الصيني عام 1990م، كما اتبعت ذلك لاحقا بتوسيع انفتاحها على فيتنام وبتطوير لمبادلاتها التجارية مع الصين (إضافة إلى ماليزيا واندونيسيا وهونغ كونغ).
وميناء سنغافورة يضم 4 محطات لمناولة الحاويات بطاقة اجمالية تصل الى 20 مليون حاوية مكافئة «20 قدما» سنويا، وبمتوسط يبلغ 35 حاوية للمشغل الواحد خلال الساعة وبمعدل 1000 عملية للمرشد الواحد خلال السنة، موضحا ان تلك المعدلات المرتفعة جاءت نتيجة استخدام احدث المعدات والتدريب المستمر والمكثف للعنصر البشري.
وتشكل سنغافورة مركز خدمات متكاملاً، يشمل الوسائط والمنتوجات حيث يوجد أكثر من 700 مؤسسة مالية أجنبية تتخذ سنغافورة مقرا لها. وتتوزع أنشطة هذه المؤسسات على مجموعة واسعة من الخدمات والمنتوجات المالية، كالتجارة المالية والعملات وأنشطة رأس المال والقروض والأمن التجاري وخدمات التأمينات المتخصصة وغيرها. ولاشك أن وجود هذه المؤسسات الرائدة قد أسهم في إبراز ودينامية الصناعة المالية في سنغافورة. ففي عام 2004، اختيرت سنغافورة ضمن العشرة الأوائل الأكثر تقدما على مستوى الأسواق المالية عالميا، وقد جاء هذا الاختيار ضمن تقرير المنافسة العالمية للملتقى الاقتصادي العالمي.
ويبين سوق صرف العملات الأجنبية في سنغافورة،نموا كبيرا في عام 2004. فقد وصلت المعاملات اليومية إلى 135 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل نموا بنسبة 51٪ مقارنة مع 2001.
والاقتصاد الحر هو عصب السياسة المالية السنغافورية ولذلك تجد عددا كبير ا من البنوك العالمية ولديها فروع في سنغافورة حيث تقدم السياسة المالية السنغافورية تسهيلات كبيرة للبنوك والمؤسسات المالية العالمية، وقد تم تشجيع الشركات المتعددة الجنسية على فتح فروع لها في الدولة ويساعد على ذلك النظام المالي السنغافوري المرن والقدرة على اجتذاب رؤوس الاموال وأصبحت بذلك سنغافورة مركزا ماليا عالميا حيث يتوفر في سنغافورة فروع لمعظم البنوك العالمية، كما يوجد 19 مجموعة تأمينية من 25 من أكبر المجموعات التأمينية في العالم. وبناء الجسور لتقديم الخدمات التجارية الاستثمارية وتطوير التعامل المالي والتعاون التجاري بين سنغافورة ومنطقة الشرق الاوسط
اعداد وتوثيق ابوبكر مصطفى خليفة