- حاورها:: سالم الحريك
تحصلت على العديد من الجوائز والألقاب في بلادها الأم المغرب ومن بلدان أخرى وحتى لا أطيل أكثر نذهب إلى الحوار مع الفنانة التشكيلية والكاتبة المغربية حسناء الفرجاني.
بداية من هي حسناء الفرجاني وكيف تقدمين نفسك للقراء الكرام؟
من هي حسناء الفرجاني ؟ هو سؤال يحيلنا إلى فلسفة الأنا، فمن أنا ليس سؤالا عاديا نجيب عليه ونمضي، هو يحيلنا إلى سؤال آخر كيف يمكن للإنسان أن يعرف نفسه وهو لازال يحاول التعرف عليها؟ وجواب ذلك هو بداية الحفر في الأنا.
أما فيما يخص تقديمي للجمهور فسيكون من خلال التعريف بمسيرتي الفنية والأدبية المتواضعة ككاتبة وفنانة تشكيلية ومدونة ورئيسة أتيليه فناني العالم فرع المغرب ورئيسة تحرير مجلة أكاديمية الإبداع والفنون والثقافة بفرعيها؛ فرع الأخبار وفرع نشر البحوث العلمية بليبيا.عضوة بكل من مجلة الاتحاد العام للمبدعين بالمغرب للإبداع، وبمجلة ويكيبيديا الفنون الأدبية الإلكترونية، وبقصر العاشق الفنون العالمية بالعراق، وبمنظمة بسمة أمل الدولية.
فائزة في مسابقة القصة القصيرة المنظمة من طرف ملتقى ابن النيل بمصر. تم نشر أول عمل أدبي لي بعنوان “أبراكساس” في آواخر سنة 2019 من طرف دار نشر ببلومانيا بالقاهرة, كتبت جملة من المقالات الأدبية ذات الصبغة الثقافية والتي نشرت في مواقع ومجلات وجرائد عربية ودولية إلكترونيا وورقيا , حصلت على شواهد في حقل الصحافة والإعلام، وحصلت أيضا على شواهد فخرية في الأدب والثقافة وفي مجال الفن التشكيلي.
شاركت في عدة معارض فنية وحصلت على باقة من الشواهد والأدرع من عدة دول عربية ودولية متوجة بدرع السلام وكأس السلام من منظمة السلام والثقافة الدولية , كما حصلت أيضا على شهادة دكتوراه فخرية في الثقافة والأدب من مؤسسة نهرين الثقافية.
نبذة تعريفية زاخرة بدون شك وهذا ما سيحيلنا ربما إلى أن نسلك مسارات عدة في هذا الحوار الذي نأمل أن ترتقي الأسئلة المطروحة فيه إلى مستوى يجاري تجاربك الفنية والأدبية وغيرها من المجالات أبدأ بالتسلسل الذي وصفتِ به نفسك ككاتبة أولا.
ما تعني الكتابة بالنسبة لك ؟
الكتابة عالم للبوح، ألج إليه بلا استئذان. فأنا لا أجدني إلا داخل النص، حينما يصبح الصمت لغتي الأولى التي تضج بصراخ المشاعر وضجيج العبارات وكلما أنفلت من شباك الإلهام سهوا إلا ويخنقني الواقع بكل إكراهاته، فالكتابة ليست ترويحا عن الذات فقط ولكن بحثا عن حقيقة من أكون.
بالرغم من التجارب العديدة ربما في عالم التحرير والأدب والفن ، صدرت أولى أعمالك وهي رواية “أبراكساس” خلال العام الماضي، ما سبب تأخرك في النشر اذا ما صح وصفه بالتأخر وكيف تصفين هذه التجربة ؟
ليس تأخير بقدر ما هو تأن في نشر عمل أدبي يليق بمستوى القارئ. وهذا هو السبب أيضا في تأخير نشر الجزء الثاني لرواية أبراكساس.هذه التجربة هي فريدة من نوعها فاختياري لكتابة أول عمل أدبي لي في صنف الرواية البوليسية هو بمثابة حلم طفولي تحقق جزء منه وما تبقى هو تحد آخر تحقيقه رهين بأن تتحول الرواية إلى فيلم أجنبي.
إذن للرواية جزء ثاني هل ستنتهي عند الجزء الثاني أو ربما ستكون ثلاثية أو رباعية؟
سيكون للرواية جزء ثان فقط.
حدثينا ولو قليلا عن الرواية كفسحة تعريفية لقراء هذا الحوار؟
تدور أحداث الرواية حول حكاية روح عادت من الهلاك باسم الموت. توهم ضحاياها بخلاص من المعاناة باسم النجاة، وبين المعاناة والخلاص تناسلت الأحداث تباعا في قالب بوليسي غامض ومثير.
بمن تأثرتِ في قراءاتك المختلفة وهل لك قضية بارزة تشغل الحيز الأكبر في تفكيرك لكي تكتبين عنها أم ستكون الكتابة شاملة ومتنوعة ربما ؟
لا أخفيك سرا، فأنا لم يكن لي قدوة أتأثر بها في إبداعاتي سواء الفنية أو الأدبية. ركزت كثيرا على خبايا نفسي وما يغوص في الأعماق من أسرار ومواهب. وحاولت العمل عليها واستكشافها حتى أكون أنا كما أردت.من المهم والضروري أن تكون هناك قضية ما أعالجها في أعمالي الأدبية. فأي محتوى لا يعالج رسالة أو قضية فهو عمل فارغ يضج بالعبث.
يوجد تجلي ربما في هذه الرواية لما يسمى الماورائيات خصوصا في مسمى الرواية هل هذا صحيح و كيف تصفين إسم الرواية كدليل أو معبر عنها بشكل أو بآخر؟
عنوان الرواية يقودنا إلى الأسطورة القديمة أبراكساس، لكن الرواية في جوهرها نفضت الغبار عن الجهل المطبق من خلال دحض الخرافة بكشف القناع الحقيقي للشر المطلق، والذي عبثا يحاول الاختباء خلف ذريعة المعاناة والهرب من الاتهامات بحجب الحقيقة وإعدام الضمير.وبالتالي فعنوان الرواية لا يجسد إلا رمزا للشر عوض التركيز على ماهية الأسطورة.
كيف تقيمين تجربة النشر الأولى لك مع دار ببلومانيا للنشر والتوزيع بمصر؟
في مجملها هي تجربة رائعة.
نبقى في الكتابة ولكن في سياق آخر وهو التحرير و تحديدا في مجلة الأسرة فأنت تكتبين غالب مقالاتك بصيغة الاستفهام أو ربما العناوين على وجه الخصوص هل تكتبين لأنكِ تبحثين عن اجابات لتساؤلات لديك أم فقط كتابة واضافة الصيغة الاستفهامية على عناوين كتاباتك ؟
لطالما كان السؤال هو أداة الوصول إلى الحقيقة أو المعرفة ، فبقدر تعقيده بقدر تفكيرنا واجتهادنا في إيجاد إجابات حاسمة تتجاوز التفكير السطحي. وبذلك يكون النقاش هو ساحة معركة تشتعل فيها الأفكار لتنير الزوايا المظلمة في العقول.
هل تسمحي لنا الآن بطرق أبواب حسناء الفنانة التشكيلية أم هناك ما تودين قوله ختاما عن حسناء الكاتبة؟
أسئلتك كانت شاملة حول الكتابة ولم يبق لي ما أضيف.
سأعمل مزاوجة مع السؤال الأول المتعلق بالكتابة ولكن أستبدله بالفن التشكيلي ، ماذا يعني لك الفن التشكيلي؟
الفن هو فلسفة حياة وروح يصعب تصنيفها. وكلما أردت الولوج لمساحات السعادة لا أجدني إلا بين أحضان اللوحة وأنامل الفرشاة، فأعيش تفاصيل الإبداع بكل تجلياته.
للفن التشكيلي مدارس مختلفة ربما وأساليب متنوعة لأي مدرسة تنتمين ؟
في إبداعي لا أتقيد بمدرسة ما، لكن أحد النقاد صنف أعمالي في خانة التعبيري التجريدي.
قبل البدء بعمل لوحة فنية هل تكون عن طريق رغبة مسبقة أو فكرة كالخاطرة فيتم تجسيدها في شكل لوحة فنية ؟
في البداية لا يعدوا الأمر أن يكون إلا مجرد رغبة، ولكن سرعان ما تتحول إلى فكرة مشاغبة تدفعني إلى تجسيدها في اللوحة.
هل يوجد لون طاغي أكثر في لوحاتك الفنية لدلالة معينة ؟
في لوحاتي الفنية أتعمد التركيز على اللون الأسود والأبيض، لما لهما من سحر خاص، حيث يضفيان الوضوح الكامل في عمق اللوحة فتناقضهما الغريب في الجمع يصير مصدرا للضوء لإتمام جمالية الإبداع.
اختيارك للأبيض والأسود هل هذا يعني أنك من اشرفتِ على اختيار غلاف الرواية ام أنها من لوحاتك في الأساس ؟
اللوحة المتواجدة على غلاف الرواية هي من إبداع الصديق الفنان التشكيلي المغربي الأستاذ “محمد صبحي” والتي توحي إلى شعار “التاي تشي” أو ما يصطلح عنه أيضا “باليانغ والينغ”، والذي يجسد بالملموس ثنائية صراع الخير والشر.
هذه الازدواجية تحيلنا إلى التساؤل عن مدى تأثير الظروف في كينونة الشخص، فهل كلما كان المحيط يتسم بقيم الخير، اكتسبت الكينونة قيمة، وكلما سادت قيم الشر في المحيط، تأصلت قيمه في الذات؟. أم أن سمة الاكتساب من المحيط لقيم الخير أو الشر تعود إلى مدى الارتقاء بالمنظومة العقلية للكينونة، فإن كانت مادياتها المعرفية والعلمية واسعة، تمكنت من التمييز بين فعل الخير وصوره عن فعل الشر وضرره على الذات والمجتمع؟. وهذا ما تم إسقاطه على بعض من شخصيات الرواية.
هل صحيح أن الفن التشكيلي فن نخبوي ربما وليس لأي فرد أن يتذوق جمال اللوحات الفنية وما هي معايير التذوق أو الشعور بالقيمة الجمالية للوحات الفنية ؟
يمكن اعتبار الفن التشكيلي فنا نخبويا، إذ لا يستطيع الجمهور العادي التواصل معه، كما أن مجالات الممارسة أصبحت محصورة في فئات معينة، لكن مع جائحة كورونا تغيرت الموازين، فقد انفلت الفن من قيود النخبة ليصبح متاحا للجميع من خلال معارض فنية إلكترونية ، أما فيما يخص تذوق جمالية هذا الإبداع فهو غير محدود، ويمكن لأي كان تذوقه حسب فهمه لألغاز اللوحة وسبر أغوار أسرارها.
وبالتالي كلما ازدادت معرفة الشخص وخبرته في الفن التشكيلي كلما ازداد استمتاعا وتذوقا للعمل الفني.
ولعل خير مثال على ما قلته هو الناقد الذي بإمكانه تحويل المنجز في العمل التشكيلي من نص مرئي شكلي إلى آخر بنسق لغوي مفهوم وذلك انطلاقا من طبيعة وبنية هذا العمل الإبداعي.
على ذكر النقاد في الفن التشكيلي ، هل يشترط في الناقد أن يكون فنان تشكيلي في الأساس أم ليس بالضرورة؟
من البديهي أن يكون للناقد الفني قدرة عالية على التذوق وفق المدارس الفنية وخبرة في تاريخ الفن وأساليبه، وأن تكون له أيضا دراية كافية وثقافة عالية يستطيع من خلالها تحليل وتفسير المنجز في العمل التشكيلي وتحديد نقاط قوته وضعفه. فالناقد الفني هو ناقد مثقن لقواعد النقد وليس شخصا عاديا يطلق أحكاما لا مرجع لها ولا أساس تستند عليه.
وهذا ما يفسر زوايا الاختلاف بين رؤية الناقد ورؤية الفنان ورؤية الإنسان العادي للعمل الفني كما يقول أحدهم تجمعين في روايتك أبراكساس بين الفن الأدبي والفن التشكيلي.
كيف ذلك والى أي مدى تساعدك التوأمة بين روح الفنان وروح الكاتب ؟
مما لا يخفى على أحد فالفن التشكيلي والأدب هما لغتان قد تختلفان في أسلوبهما وفي الوسائل المستخدمة فيهما، لكنهما تعبران في صمت عن فكرة ما تدفع الفكر الإنساني لمحاولة فهمها وتحليلها لهذا ارتأيت الجمع بين هذين الشريكين في روايتي ليس من أجل بعدهما المختزل في دقة المعنى والتصور ولكن للارتقاء بروحهما المتصلة بالإبداع الفكري.
ما تقييمك لواقع الفن التشكيلي في المغرب الكبير على وجه الخصوص وفي كامل المنطقة العربية ؟
الفن التشكيلي سواء أكان في المغرب الكبير أو العالم العربي فهو بحاجة إلى المزيد من الجهد والتضامن للنهوض به بالرغم مما تمتلكه دول المنطقة من كنوز وطاقات إبداعية ضخمة وبالرغم من الجهود المبذولة سواء من مؤسسات المجتمع المدني أو من الدولة نفسها إلا أن هناك ثغرة ما تُساءل وضعية الفنان الهشة فهذا الأخير يعاني في صمت مادام فنه لا يمكنه من العيش بمستوى يرقى بالفن التشكيلي وهذا لا ينحصر فقط في هذا الفن بل هي معضلة تتعداه لتشمل الأدب أيضا، لتصير الرغبة هي المحفز الأكبر للاستمرار في الإبداع في هذين المجالين.
هل هناك ما تريدين إضافته في نهاية الحوار؟
في الختام، أود أن أشكرك على هذا الحوار الشيق والمثير، ومن خلالك أوجه تحية للشعب الليبي الشقيق وتمنياتي له وللشعوب العربية الأمن والسلام.