بقلم :: هاجر الطيار
ذات ربيع بيما كنت وأسرتي نقوم بأولى رحلاتنا البرية التي نعبر خلالها بحر الرمال العظيم الممتد ما بين سبها جنوب ليبيا قاصدين طرابلس العاصمة أقصى شمالها ، مشدوهين بروعة الجبال المنتشرة على امتداد الصحراء المنتصبة كحرس شرف تذود عنها الريح ، جبال بديعة تتغير أشكالها وألوانها كلما اتجهنا شمالا .
ينتابنا إحساس بأن سبها تتشبث بنا وتعيدنا إليها ،كنا نشعر أن الطريق طويل و لا تكاد تنتهي ، كيف لا ونحن من كان في مخيلته أن أقصى مسافة قد تقطعها السيارة لن تزيد على المسافة ما بين إربد أقصى شمال الأردن والعقبة أقصى جنوبها أي ما يقارب 450 كلم .
بديعة كانت الطريق رغم بعد المسافة ، ممتعة رغم مشقتها ..
أليست التجربة الأولى لها طعم لا ينسى ؟! .
وقتها كان قد مضى على انتقالنا من الأردن لليبيا سنوات كافية لشحن بطاريات الحنين حتى آخرها ،خصوصا علي أنا شخصيا، ابنة القرية التي تعلقت بريفها وظلت أجواء الريف متربعة على عرش ذاكرتها.
قطعنا 6 ساعات من المسير المتواصل حتى وصلنا مشارف مزدة حين صارت رائحة الهواء تختلف ، وأخذت نسمات البحر ترحب بنا تنعشنا تربت على وجوهنا وترطب أنفسانا .
وما أن وصلنا أعتاب غريان حتى بدأت أرضها تحتفي بنا و تفرش من حولنا بساط من الزهر البري يتمايل بغنج كلما هبت عليه النسمات و أشجار اللوز التي تزين جانبي الطريق كعروس بثوب زفافها المزكش تلوح مرحبة بمرورنا
أخذ قلبي يرقص طربا حين وجدتني أعود بلمحة بصر إلى مسقط رأس أردد باسترسال ….
يااااا ريح إربد عابقا
تنفس عشقا
من ثرى غريان
وبساط زهر فاتن
مزركش بالورد بالحناء والريحان
وظلال حب وارف
تلقي التحايا طيبات
للعابرين من بلاد العرب
من أهل إربد
من بلاد الشام
من عمان
سلام عليك
مدينة الزرع
سخية الضرع
بهية الطلع
بسحرك الفتان
أعدت لنا صدى الذكرى عيانا
لأحراش عجلون
لأشجار التين والزيتون
لعنفوان السنديان
غريان يا غريان يا غريان
يا أعذب الألحان
يا درة البلدان
يا غريان