طفيه وولعه

طفيه وولعه

عبدالرحمن جماعة

طفيه وولعه.. هي التقنية الشائعة لإصلاح جميع الأجهزة، فعادة عندما تحدث مشكلة في الجهاز نقوم بإطفائه وإعادة تشغيله، وهي فكرة صحيحة، لأن إعادة التشغيل تُعيد ترتيب نظامه بالشكل الصحيح فيتخلص من جميع الأخطاء في التشغيل السابق!

لكن ماذا لو علمت أن هذه التقنية تنجح نجاحاً باهراً مع الإنسان باعتباره نظاماً متكاملاً..

فأنا شخصياً عندما تعرض لي مشكلة أنام وعندما أستيقظ أجد أن المشكلة قد حلت أو أنها على وشك الحل.. لم أكن أعرف سبب ذلك.. وبعد البحث والتدقيق توصلت إلى الفكرة في الموضوع، وهي أن الإنسان أثناء نومه يتخلص من (المقاومة).. وهذه المقاومة هي التي تعيق حل المشكلة..

ولكن ما هي المقاومة؟!

عندما تبحث عن مفتاح ضائع لا تجده، وعندما تتوقف عن البحث تجده، وكذلك عندما تجهد ذهنك في محولة استذكار معلومة غالباً لن تتذكرها، ولكن عندما تهملها تحضر من تلقاء نفسها!.

إنك عندما كنت تبحث عنه كنت تقاوم فقده وضياعه وهذا هو الذي يبقي المسافة بينك وبينه بعيدة.

فالقلق والخوف يمنعان حصول المقصود، وكذلك الرغبة القوية، لأن الرغبة القوية هي الوجه الآخر للخوف كما يقول (ديفيد هاوكينز) في كتابه (السماح بالرحيل)!.

المشكلة أصلاً محلولة، فلا توجد مشكلة في الكون إلا ومعها حلها، وهذا معنى قوله تعالى:  {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً}. يقول إيكارت تول في كتابه (قوة الآن): “الجواب، القوة، الخطوة الحازمة أو الدهاء، سوف تكون هناك عندما تحتاجها، ليس قبل أو بعد“!.

ويقول بعض المتصوفة “في التخلي تجلي” وقال بعضهم: “وكم من حاجة قضيناها بتركها

إن مقاومة أي شيء تبقيه، فمقاومة المرض تزيدك مرضاً، ومقاومة الفقر تزيدك فقراً ومقاومة شخص تكرهه تجعله حاضراً في حياتك، حتى لو ذهبت إلى المريخ ستجده في استقبالك!.

إن ترك المقاومة له عدة صور ولعل أهمها التوكل على الله، فإن المرء إذا توكل على الله حق توكله فإنه يقضي على جميع أشكال المقاومة، لكن التوكل لا يتحقق إلا بالترك التام، والتخلي عن التفكير الزائد، وإحالة القضية برمتها إلى الخالق عز وجل!.

إن آفة الإنسان، والعائق أمام جميع الحلول، هو التفكير الزائد، والذي نسميه (التخميم)، لأنه أشد أنواع المقاومة!.

ومن مظاهر المقاومة كثرة الشكوى والتذمر والسخط والاستياء، لأن ما تستاء منه يكثر حضوره في حياتك، كما أن الغيبة تجذب إليك الناس السيئين!.

إن الرضى بالقضاء وتسليم الأمر لله هي أعظم أبواب الفرج، وأهم عوامل التغيير، وأيسر السبل لنيل المراد!.

إن العقل هو من أكبر نعم الله على الإنسان، ومع ذلك فقد يتحول إلى نقمة، لأنه الأداة الوحيدة التي يُمكنها أن تعمل لوحدها ورغم إرادتك، لذلك ينبغي أن تضع عليه قيوداً فلا تتركه يسرح بك في متاهات التفكير التي تستهلك قوتك، وتمتص طاقاتك، وتستنزف جهودك، وتجعلك عالقاً في المشكلة، لذلك إجعل مفتاح التحكم في يدك… وطفيه!.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :