طهقة الوطنية على الطريقة المجبرية

طهقة الوطنية على الطريقة المجبرية

بقلم ::  إحميد اعويدات

أصبح الحديث عن سيادة الدولة الوهمية على الاراضي الليبية موضوعا مثيرا للسخرية , حيث يخرج علينا بين الحين و الاخر البعض من الفلاسفة ان جاز القول , مقدمين تفسيرات هدفها إغضاب الناس و أدلجة مشاعر الحماس و الانتماء للوطن لصالحهم , لمجرد إزاحة خصومهم من المشهد السياسي الحالي لا أكثر .
إحدى تلك التفسيرات المدعية للأخلاق و الوطنية تتحدث عن باب الاحتلال كما قال فتحي المجبري ,و الذي فُتِحَ على ليبيا بعد وصول سفن حربية إيطالية لشواطئ طرابلس .
لم يكن هناك اي سبب أو مبرر لأي حضور أجنبي في ليبيا لو لم يسمح الشعب بذلك , ابناء هذا الشعب هم الذين يوفرون الحماية لعصابات التهريب من أبناء عمومتهم , و هم نفسهم الذين يكسبون مبالغ طائلة من هذا العمل والليبيون هم الذين يتعاونون مع هذه المافيات خارج الحدود التي تهرب الوقود و السلع و غيرها من المواد الاخرى , و الليبيون هم الذين يسعون الى تدمير بلادهم و عرقلة نهوضها و جعلها مستنقع للجهل و الفساد.
اذا كان بمقدور الشعب نفسه ردع تلك العصابات المارقة التي تجردت من كل القيم الانسانية حيث جعلت من البحر المتوسط احدى أكبر المقابر في التاريخ البشري المعاصر , بإرسالها لمئات الالاف من المهاجرين الهاربين من جحيم بلادهم حتى يقضوا نحبهم فيه , أو التي تتاجر بثروات الشعب خارج البلاد من وقود و سلع غذائية حتى وصلت الى تهريب المخزون الليبي من العملات الصعبة لدول الجوار و البواخر التي تحمل النفط , او تلك التي لم تخطف و تقتل رجالا فحسب , بل اغتصبت النساء و خطفت الاطفال , وتجدها تستمتع بالسطو و القتل في وضح النهار .
وجود تلك السفن في مصراته و طرابلس او غيرها من مدن الساحل تحكمه اتفاقيات دولية تم توقيعها في عهد القذافي , و كون جميع الحكومات المتعاقبة علينا و التي تتصف بالوهن و الخمول وقفت عاجزة أمام تضخم تلك العصابات إقتصاديا و عسكريا حتى أصبحت ما يمكن وصفها (بدويلات تحكم الدولة ) , اصبحت تشكل قلقا لدول الجوار من تهديد لأمنها و مصالحها , حتى وصلت لخطر التغيير الديموغرافيي للسكان فيها .
في الوقت الذي تغلغل فيه الفساد خلال كامل أطراف الدولة , حيث أصبح الناس عاجزين عن توفير الطعام و الملبس ما بالك بالعلاج لأطفالهم , و في نفس الوقت نجد ساستنا الأفاضل يتربعون على عرش ثرواتهم في فنادق الدول المجاورة يحاولون الاجتماع لتمديد حالة التدهور التي نعيشها في سبيل استفادتهم من حجم الثروات الشهرية التي أقروها لأنفسهم .
هذا الوضع الذي يزداد سوئه مع كل يوم امام المدعين للحماسة الوطنية و الانتماء و الجهاد , يجعلني اتسائل إذا كان بمقدورهم إنقاذ الشعب الذي يتسول من أجل نقوده أمام المصارف، فلماذا لم يهبوا لنجدته!… , ليتركوا غيرهم يفعل حتى لو كان المنقذ أجنبي , فمجرد التفرج و مشاهدة الوضع المتأزم و الثرثرة الفارغة بوهم الوطنية والحماسة لا يزيد عن كونه احاديث مؤدلجة و عهر فكري لا اكثر في مثل هذا الوضع .
لكل مرحلة منتفعون و في كل صف يوجد انتهازيون على مر السنوات و هم يحاولون اخفاء جرائمهم و التمويه عن افعالهم الدنيئة التي ارتكبت بحق الليبيين و دمائهم و مستقبل ابنائهم , فلا يمكن تصديق كلمات الوطنية من المجبري و امثاله .
الاستعانة بدولة مجاورة من قبل رئيس الحكومة لتدريب كوادرنا لإعادة تأهيلها و تمكينها من أداء وظائفها على أكمل وجه ممكن , و المساعدة في إدارة البلاد ثم تمكين السلطة المدنية من السيطرة على مفاصل الدولة بشكل كامل , لا يزيد عن كونه اعترافا بفشل النخب الليبية التي اختارها و انتخبها الشعب و التي استلمت السلطة على مدى السنوات العجاف الماضية ,و تسببت في انهيار كامل اركان الدولة بعيدا عن خرافات الاحتلال الواهية التي لا تغني ولا تسمن من جوع

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :