إعداد- عبدالله محمد
قال تعالى لرسوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [ طه : 132 ]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ}الآية [ التحريم : 6 ] أي: مُرُوهم بالمعروف، وانهوهم عن المنكر، ولا تدعوهم هملا فتأكلهم النار يوم القيامة. وتبدأ العناية بالطفل قبل أن يدخل إلى رحم أمه؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فقضى بينهما ولد لم يضره» * ومنها: تسميتهم بالأسماء الحسنة، والإحسان إليهم في المعاملة، وتعليمهم، والعدل بينهم في العطية، والإحسان والحنان والعطف والعطية، لحديث النعمان بن بشير المتفق عليه: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». * ومنها: وجوب النفقة عليهم إن كانوا فقراء، قال الله تعالى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، وقال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6]، وقال صلى الله عليه وسلم :» كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول»؛ رواه أحمد وأبو داود وصححه الإمام النووي. * ومنها: تربيته على الفضائل وإبعاده عن الرذائل، ويعلم علوم الدين، ويدرب على الصلاة وعلى العبادات الأخرى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : “مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع”. رواه أبو داود . قال صلى الله عليه وسلم الله : «كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته؛ متفق عليه. * ومنها: اختيار الأم الصالحة الطيبة ذات الأصل الطيب والخلق القويم، ففي الصحيحين وغيرهما قال صلى الله عليه وسلم:» تنكح المرأة لأربع وذكر منها: ذات الدين فقال: فاظفر بذات الدين تربت يداك» إن الله تعالى من عدله بين عباده أوجب على الأبناء حقوقاً تجاه آبائهم وأوجب كذلك في المقابل للأبناء حقوقاً على الآباء فكما أن على الأبناء الإحسان إلى الآباء، وطاعتهما وبرهما، والإنفاق عليهما عند القدرة إذا كانوا فقراء، فكذلك للأبناء على الآباء حقوق. وليعلم أن تقصير الآباء في حقوق الأبناء لا يبرر عقوق وتقصير الأبناء، فإذا كان كفر الوالدين بالله العظيم لا يُسقط حقهم في البر والإحسان فبالأحرى ألا يسقطه تضييعهما لحق الولد وإنما على الأبناء الاجتهاد في طاعتهما وكسب رضاهما. يرى بعض العلماء أن هذه الظاهرة انتكاسة للفطرة، فعندما يجد الأبناء الآباء لا وظيفة لهم في الحياة، فقد يصل هذا إلى حد الكره والرفض لهم. وإن كان الله تعالى قد طالب الأبناء بالدعاء لآبائهم كما قال تعالى:{وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} (الإسراء:24). فأين هذه التربية لكي يرحمهما الله؟ هؤلاء آباء عقوا أبناءهم، والعقوق هنا مختلف، فالمعروف عقوق الأبناء للآباء، ولكن ما يحدث العكس. لذلك يصدق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليعن ولده على بره». فالمطلوب من الأب إعانة ولده على بره؛ وإلا فإنه سيحاسب على عقوقه لولده، كما يحاسب ولده على عقوقه. * سوء المعاملة إلا أن فريقا من علماء علم الاجتماع لا يرون أن ما يحدث من الآباء للأبناء عقوق، بل هو نوع من سوء المعاملة. و من أهم أسباب سوء المعاملة أن كثيرا من الناس غير راغبين في الإنجاب مما يؤثر على سلوكهم مع أبنائهم، وأن بعضهم يرى أن الأبناء يتربون بدون أحد، فالدنيا تربيهم، ولا حاجة لهم في أن يتعبوا أنفسهم، وأن بعضهم مشغولون بمشاغل الحياة من الطعام والشراب، ولا وقت عنده للاهتمام بعملية التربية، وأسباب اجتماعية أخرى. ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن التربية الآن كثيرا ما يغلب عليها انعدام لغة الحوار بين الآباء والأبناء، وسادت لغة الأمر الواجب تنفيذه بدون مراجعة، وصار الوالد في البيت هو «سي السيد» كما صوره نجيب محفوظ في بعض رواياته. ولكن من المهم أن يسمع كل منهما للآخر، فالزمن غير الزمن، والجيل غير الجيل، واللغة غير اللغة، وعند هذا الاختلاف يكون الحوار والتفاهم والسماع والإقناع من أهم وسائل التربية الحديثة.