فسانيا :: حنان علي كابو
أن تحملك خطاك بلهفة ، بشوق لمهنة سرت في عروقك سريان الدم بالوريد ، أن يحملك هواك لمسقط مدينتك وأنت تلثم كل ركن فيها بذكرى تربعت على جدار العمر .
أن تثرثر عيناك رفقة صديقة العمر بعد غياب سنين ثلاث لتهرع اليوم بشغف غامر وأنت تؤثث بكلمات خجلى مهرجان الأهرام الثقافي .
في طريقك لمسرح الطفل بمنتزه بنغازي ، تسرح ذاكرتك في الوجوه التي تمر سريعا ، تتأمل واجهة الأمكنة ، وعندما تترجل قدميك السيارة يستوقفك قليل رجال الأمن على بوابة الحدث لتفتيش حقيبتك خوفا من خطر داهم لمدينة عانت ولازالت ويلات حرب وفكر مستحدث لا يمت للإسلام بصلة ، ويساعد على بث الشائعات المغرضة حوله بإسفاف .
يلفت أنتباهك أولا معرض الكتب فعلى اليمين قام جناح الأهرام المصري بعرض كتبه المتعددة التخصصات والأذواق ، وعلى اليسار مكتبة المتوسط العلمية الثقافية ثمة رواد يتنقلون عبر الكتب يتصفحونها بعجل ويقتنون ما جاءوا للبحث عنه .
يرى نائب مدير التسويق بجناح الأهرام المصري أن المبيعات جيدة ونسبة الأقبال تدل على مستوى القراءة وقال “كان الأقبال على كتب القانون والروايات إجمالا ، وثمة اهتمام كبير بالحدث ”
كما اشتركت مكتبة رابح للكتب القديمة والمستعملة بالمعرض وحددت قيمة أي كتاب دينارين
في ردهة المسرح تعانقك اللوحات لأبرز الفنانين التشكيليين في بنغازي الذين شاركوا في الحدث ” أحمد بودراعة – إيهاب الفارسي _عبدالقادر بدر – خالد الصديق –رمضان البكشيشي –معتز بن حميد – سالم الفرجاني – طارق الشبلي ” باختلاف مدارسهم وأذواقهم الفنية وتباين ضربات فرشاتهم ما بين المائي والزيتي فكان خليط متنوع من المدارس المعاصرة والرمزية المتأثرة بثقافة البحر المتوسط مرروا بالانطباعية وقد تستوقفك بعض الوجوه التي جسدتها اللوحات في بورتريه تصويري .
أما النحات محمد زعطوط فقد ضمت اعماله منحوتات خشبية اعتمدت على تجريد الشكل الإنساني بطريقة رمزية شمولية
في حين شارك الجناح المصري لمعرض الفنون التشكيلية بلوحات تنوعت ما بين الكلاسيكي والمعاصر فثمة من جسد المدرسة التصويرية كمحمود سعيد في لوحته ذات العيون العسلية وثمة من أكتفى بالمدرسة الانطباعية كالفنان جمال كمال بلوحة بنت البلد ،كما شارك مصطفى نكير الذي جسد الانطباعية التنقيطية بلوحة شاطئ النخيل والفنانة تحية سليم شاطئ النيل .
ويذكرنا الفنان يوسف فرنسيس بلوحات القرن الماضي التي جسدها ب المرسم .
أما بقية اللوحات فقد حملت طابع السريالية كلوحة عبدالوهاب موسى التي أطلق عليها اسم شعبيات ، وجورج البهجوري بلوحته بيوت ولوحة معتز نصر “تكوين ” والمدرسة البوهيمية “الخالدين ” لصلاح عناني
وتعد الثقافة ركيزة مهمة ورافدا رئيسيا لمحاربة الإرهاب بشتى أنواعه والوانه وصوره ، صحيفة فسانيا طرحت تساؤلا عن كيفية محاربة الثقافة للإرهاب ؟
وتستهل برأي الأديب والكاتب والصحفي الأستاذ محمود البوسيفي الذي أكد على أهمية توفر مناخ الحرية وتضافرها بالإرادة ونبه إلى أن الثقافة هي السلاح الأقوى في مواجهة التخلف الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وقال ” كانت الثقافة عبر التاريخ هي الحاضنة الدافئة للتحولات الكبرى ، وهي الرافعة الأكثر أمانا للقدرات الإنسانية على صنع الحياة الكريمة ”
وأستطرد حديثه ” أثق يقينا أن الشعر والرواية والموسيقا والتشكيل والمسرح والفنون الشعبية وغيرها من مكونات الثقافة هي القناديل في مواجهة الغبار والعتمة وهي المؤسس الأكثر جدارة على بناء مضامين الكرامة الإنسانية ”
ويتفق الأستاذ الكاتب الصحفي عيسى عبدالقيوم مع البوسيفي في أهمية درو الثقافة في معركة الإرهاب ويضيف ” كون أس معركة الإرهاب مركزة على جوانب فكرية ، فيجب أن يكون ذلك عبر بث الوعي العميق بالمفاهيم مثل مفهوم التدين ومفهوم الإنسانية والعيش المشترك ، ومفهوم التسامح التي تعتبر من كليات الشريعة ”
كما تؤكد الأستاذة مناجي بن حليم مدير مكتب الثقافة بمدينة بنغازي أن اليد التي تمسك القلم والريشة لاتحترف الموت وتضيف ” في تقديري الاهتمام بالبنية التحتية للثقافة بالمسارح ودور العرض والمكتبات العامة ، ومحاولة تأسيس نواد ثقافية للشباب تعلم الموسيقا والفن التشكيلي وتنظم مسابقات بينهم في الفنون كافة وتهتم بالمتميزين منهم تترك رصيدا كبيرا في مواجهة التطرف والإرهاب ”
وترى الفنانة التشكيلية والأستاذة الجامعية عفاف الزبير إلى أن الثقافة بكل أصنافها ومؤسساتها ووسائلها لتواجه وتقاوم الإرهاب عليها أن تتعامل معه كفكر وليس أشخاص ومسميات
وتشير قائلة ” الفكر الإرهابي ينمو ويزدهر بالجهل والحرب والعنف والكره والعداوة والبغضاء وكل ما يوطد للموت والخراب ،وعليه فالثقافة عليها محاربة هذا الفكر وزرع ونشر في مقابله فكر السلام والحب والحق والإخاء والجمال وكل القيم النبيلة التي تسمو بالإنسان وتقدس الحياة .
وتؤكد الزبير على تعرية وكشف الفكر الإرهابي قائلة ” يجب من رفع مستوى وعي الإنسان العربي المسلم به من خلال تشجيع ممارسة كل أصناف الثقافة من الفنون السبعة المعروفة عالميا والتي تهذب النفس وتزرع فيها حب الجمال والخير وكل القيم النبيلة لكل الأعمار .
وتختم قائلة “من خلال استخدام وسائل الاعلام والتي تتغذى على الفن والثقافة ونشر رسائل اعلامية بكل القوالب ”
وترى رئيس اتحاد الكتاب والأدباء بمدينة بنغازي الشاعرة والقاصة رحاب شنيب أن الثقافة ركيزة مهمة لبناء الدولة ووهي السد المنيع ضد كل أنواع التطرف وتضيف “فبدونها لا يمكن استخدام العقل لفتح أفاق في الفكر وسنظل منغلقين نقبع في زوايا ضيقة ومحصورة فنحن بحاجة إلى الفن بكل أنواعه لتهذيب أرواحنا حتى نجعلها مسرحا مؤثثا لحضور العقل ، نحن بحاجة إلى دراسة ذواتنا بدراسة العلوم الإنسانية وتبقى الثقافة سلاحنا ”
وتشير الأستاذة بعلم في علم الاجتماع والصحفية بهيئة دعم وتشجيع الصحافة عائشة قيني إلى الدور المهم الذي تلعبه الثقافة في موجهة الإرهاب لان من شأنها أن تخلق وعيا لدى المجتمعات بقيمها وتراثها وآدابها وفنونها وتضيف ” الأمر الذي يجعلها قادرة على مقاومة أي فكر متطرف يمكن أن يستلبها ومن أجل نشر الثقافة علينا الاهتمام بوسائط نقل الثقافة وهي تشمل الأسرة والمدرسة ووسائل الأعلام والأدب والمسرح والموسيقى والمكتبات وأن نشجع أبناءنا على القراءة لأنها السبيل الوحيد نحو الثقافة ”
وترى قيني إن تنظيم مهرجان الأهرام الثقافي في هذا الوقت يعتبر حدثا مهما وأنها تحارب الإرهاب بالثقافة وليس بالسلاح فقط وبرهن أن بنغازي آمنة وتضيف ” معرض الكتاب أضاف زخما للمهرجان وإن كانت الأسعار ليست في متناول الجميع إلا من بعض الكتب …”
في حين كان للمراسلة الصحفية بشرى بن عامر رأيا مغايرا عن المهرجان حيث قالت ” المهرجان كان سيئ التنظيم وضعيف التقديم ولم أرى مشاركة لأهل الثقافة والإعلام الحقيقيين بالمدينة ، معظم المتواجدين لا أعلم من أين أتووا حقيقة ولكن محتوى الندوات كان جيدا .
أما بالنسبة لمعرض الكتاب فمعظم العناوين كانت عن الطبخ والدين ولايوجد تنوع بالكتب كما أنها مرتفعة الثمن