فقراء (الأحياء الفقيرة) وأثرياء (الأحياء الثرية).

فقراء (الأحياء الفقيرة) وأثرياء (الأحياء الثرية).

تعود بي الذاكرة لأواخر ثمانينات القرن الماضي ،عندما تداول الناس في أحاديثهم قصة الشاب الليبي حديث الزواج ،الذي باع شقته ليشتري بثمنها (ستالايت)!!! ، وعاد ليعيش في حجرة ببيت والده ومعه عروسه،وباقة مهمة من القنوات الفضائية،تشاركة حياته مع أقمار النايل سات والعربسات والهوتبيرد وغيرها. ولاحاجة الان لتفسير الدوافع التي جعلت من العريس ينجح في اقناع عروسته بجدوى بيع شقتهم الواسعة مقابل مشاهدة قنوات من عالم اخر في حجرة ضيقة ،تعرض  برامج مختلفة جدا عن برامج قناة (القنفود)!!!.

وسواء كانت هذه القصة واقعية وحدتث بالفعل ، أو انها من نسج خيال، لكنها تعكس على أقل تقدير جانبا من شخصية بعض الليبين (الطهاقه) في العيش وفقا لما يعيشه اخرين ، حتى ولو لم تكن ظروفهم مواتية،وحتى وأن تنازل عن أشياء مهمة وضرورية لحاضرة ومستقبله ،فقط مقابل أشباع نزواته وفضوله ولو مؤقتا ، وهذه القصة تقودني للحديث عن ماطرأ من تغيير ديموغرافي وعمراني في ارجاء البلاد الليبية بعد ثورة فبراير 2011م ،لكثيرين تركوا بإرادتهم قراهم واريافهم الجميلة ، ومافيها من بيوت رحبة ، ليزحفوا صوب العاصمة أو صوب المدن الكبيرة المهمة ، أشتروا قطع أراضي تحولت كيفما اتفق لنبت شيطاني سريع غالبه أحياء سكانية فقيرة جداً،وفيه أحياء سكنية غنية جداً..!! البعيدة عن العاصمة والمدن الكبرى ، أو القريبة من مركز العاصمة ، وفي ضواحي واطراف المدن المهمة ،هي نتاج سيء للتخبط والعشوائية في البناء ،ونتاج لتجاوز للقوانين المكتوبة التي تم أقرارها لتحافظ على الأرض الزراعية ،وعلى جمال المدن والقرى وعلى مظهرها العام،أدى الى تلوث البيئة البصرية في ليبيا بشكل كبير جداً .

وأستغل سكان الأحياء الفقيرة والغنية الفوضى القائمة بعد الثورة ، وفشل الدولة وضعفها في فرض ضوابط كان يتم إتباعها قبل فبراير2011م بمستويات مختلفة وتفرض التقيد بها ، حين كانت إدارات التخطيط العمراني والزراعة ومصلحة المساحة وادارت أخرى متعددة تنسق فيما بينها ليتم منح تراخيص البناء وفق ماتقتضيه المصلحة العامة .

ورغم مخالفة الاحياء الفقيرة والغنية للضوابط القانونية المفترض أتباعها ، إلا أن التباين بينهما شديد وواضح ففي الاحياء الثرية شوارع مشجرة واسعة فسيحة ،وسيارات فارهة امام بوابات الفلل الجديدة ،وكذا الأرصفة نظيفة ،وأنوار المصابيح تتلالا رغم أنقطاع الكهرباء عن المدينة كلها .وحدائق تسقى ازهارها بالماء العذب ، في ما تغرق الاحياء الفقيرة وسط أكداس القمامة ، وعلى أطرافها دكاكين بائسة في كل دكان كراسة للديون، وتعاني من الشح المتواصل للكهرباء والماء وحتى الهواء النقي .

ولأنه وعلى راي المثل القائل (مافي البلاء خيره) وان سكان كلا الحيين يختلفون في درجة المعاناة ،ولكنهم متساوون في صفة المواطنة والانتماء لليبيا وأن خالفا القانون ، وان الأغنياء والفقراء هما على السواء من انتخبوا المجلس البلدي المنتخب غالباً ،ويرأسه ليبي ينتمي في الغالب أيضا للأحياء الثرية ،لكن هذا الانتماء بكل تأكيد لايعطي المجلس البلدي برئيسه وأعضاؤه في أي بلدية أو مدينة أو قرية الحق في أن يهتم بالاغنياء ليزيد من سعادتهم ،ويهمل الفقراء ليضاعف تعاستهم ،ولكن الاوجب والاجدى والانسب أن يعي سيادة مجلس كل بلدية ،ان الغني ليبي والفقير ليبي،  وانه  كمجلس منتخب أوتم تعيينه ملزم أخلاقيا ومهنيا واجتماعيا وقانونيا ، بتقديم الخدمة الكاملة للغني كما للفقير دون محاباة من أي نوع وأننا يامجلس مفترض بحكم الدين والشريعة الإسلامية متساوون كأسنان المشط …!!!

 سالم أبوظهير  

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :