مُذَكّرَاتُ امْرَأةٍ عَمْيَاءَ

مُذَكّرَاتُ امْرَأةٍ عَمْيَاءَ

  • صافيناز المحجوب

يقول المثل الليبي ( الله يجيبك يا طولة البال ) ولكن الوضع الراهن يعلن صراحة أن طولة البال عند الليبيين وتحملهم وصبرهم أصبح في خبر كان فقد أصبحت الحساسية من الكلمات المكتوبة أو حتى الملفوظة تشعل حروبا ومعارك وتحصد أرواحا وقديما قيل ( اللي علي رأسه بطحة يحسس عليها ) في الأيام القليلة الماضية نشر أحدهم جملة عادية قال فيها ( بعض الأصدقاء ينطبق عليهم وصف ميت سريري) وانهالت عليه التعليقات من كل حدب وصوب وهذا يقول له ماذا تقصد وآخر لغى صداقته وآخر حذفه من الأصدقاء لقد أصبحت الجمل العامة والتي لا يحدد فيها شخص معين يقوم من يقرؤها بإسقاطها على نفسه فإن لاقت وقعا في قلبه ولامست دواخله أرعد وأزبد واتهم صاحب المنشور بأنه يقصده . لقد تأثرت ثقتنا بأنفسنا وثقتنا ببعضنا البعض أصبحنا نضمر شرا ولا نلتمس العذر لبعضنا البعض وما يزيد حزني حقا أولئك الذين يحاولون أن ينفوك من خارطة الأرض يستصغرون كل ما تقوم به يحاولون تكسير مجدافك يريدونك أن تهيم في الأرض دون هدى يحقدون على نجاحك لا يقولون خيرا ولا يصمتون عن قول الشر . إن ما يدعو للقلق هو أن يصيب هذا المرض الطبقة المثقفة في المجتمع والتي من المفترض أن تكون أكثر نضجا وأكثر تفتحا وعقلانية فصراعات ومشاجرات المثقفين والأدباء كادت أو بلغت عددا يكاد لا يحصى وكلٌ يبكي على ليلاه . وقد تصل تلك المشاحنات إلى أن ينفي فيها أحد الطرفين وجود الآخر وينكر أنه مثقف أو كاتب أو حتى صحفي او يتهمه بأنه شخص دخيل ليس له أي علاقة بالثقافة وكما حدث منذ قديم الزمان أن يقول الشاعر شعره فيقطع رأسه لهجائه ملكا أو وزيرا اليوم في وقتنا الحاضر تقطع أيدٍ وتخرس أفواه وتقطع حتى رقاب من كتبوا صدقا أو حتى كذبا نحن لسنا في بلد الحريات وأعتقد جازمة أنه لا وجود لهذه الحريات في أي بلد كان فالكل محاسب على ما تكتب يداه وما ينطق لسانه وإن أسلم الطرق لتعيش بسلام اتباع المثل القائل ( من خاف اسلم ) وما يجبرك على اتباع مبدأ الصمت مرغما أن يكون لديك عائلة تخاف أن يطالها أذى بسبب كلمات بسيطة قلت فيها حقا أو هاجمت فيها باطلا . خلد التاريخ أبطالا سلاحهم القلم ماتوا من أجل كلمة حق ولكن ليس كل كُتّاب اليوم أبطالا فكل حي يقول رأسي والسلام وكثر المطبلون والمزمرون وانزوى أهل الحق عن قول الصدق فاستشرى مرض النفاق وغلفت الكلمات عسلا وسطرت المعاني تكلفا ورغبة في إرضاء أطراف على حساب الحقيقة رحم الله زمانا كانت الكلمة أقوى من الرصاصة وأصدح من صوت القنابل ترج الصحف رجا وتهز كراسي الأصنام وتستنطق الصمت وتشع في الكون نورا وحقا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :