فهذا العمر يمر سريعًا

فهذا العمر يمر سريعًا

 المهدي الحمروني

دون غنائك ياطير القبلات

____________________________

مثل الكائنات البريئة التي تحدس قبل البشر بأزوف الكوارث؛ كان قلبه الشاعر ينزف خوفًا من المجهول، فمناشيره ظلت تطفق مراثٍ في درنه وواديها وشلالها، وما وهن منها في نسيجها الاجتماعي، الذي أصابته المحن المتعاقبة، ولكنه -والسماء تنذر بالنازلة الكبرى- كان متفائلًا ومبتهجًا، كشاهد عيان على هبّة الفزعة الليبية، وكأنه لم يكن في أتون الخطر، هكذا يلحق الشعراء -متفائلون في براءتهم- بالغرق، مثله مثل المرحوم عبدالوهاب لاتينوس  الذي أخبرني أنه عابرٌ إلى البحر ذات يوم

إنه القائل في محكم قلقه الحادس:

المطر

شارة خير

بشارة رفد

وناقوس خطر

رحم الله مصطفى الطرابلسي مع كل شهداء الكارثة الكبرى الليبية

أرسل لي مسودة نصه هذا صباح السابع عشر من آب الماضي:

قالت مرآة

——

مررتِ بالخطو الخفيت

كعطر صبي

ومرتْ بالزقاق الحميم

مهابتُك الجليلة

فانفتح الطريق

فؤادا من قمر

——

كيف لهذا الطالع من عينيك

شغفا للقيا

أنْ يلجم صهوات جياده

عن وله الرحلة؟

وجرحٌ  يترصدعن كثب

لحظةَ أنْ يتمشّى

شوقٌ في الأنحاء قديم

وصدى ينأى بالنايات بعيدا

وهَنُ العظمُ من الألحان

واشتعلتْ بالوجد ثقوبا

——-

تلجأُ للصمت لغتنا

حين نناجي

روحا تشبهنا

نتشبث بالشعر

ستهيج الأمواه المجنونة

لا شيء سيعصمنا  

——

ياهذا الليل ياواصل شجو العشاق

تمهلْ حتى نتهامس أغنية  الفرح

المختلس من بين مهالك  

شمس العيش

فهذا العمر يمر سريعا

دونَ غنائك يا طير القبلات

على أيك اللهفة

وتأخذنا صور الأشياء

لعمق الأشياء

يستلقي كل منا على جرحه

ندعو للحب أنْ طهر جسدينا

وألقِ علينا ثوبا من هذيانك

حين نتوه في شد البعض

ونتعانق كالأغضان ساعة أن هزهز

طبل الريح خصرَ  الآهات

وسافر كل منا في روح الكلمات

وأُمطرنا لحظتها

غطتنا تواشيح البرد

لم يقطع نومتنا غير الأحلام

وضحكة أطفال الشارع بحديقتنا

———

هذا الحلمُ لنْ يتكرر

قالتْ مرآة مكسورة

في غرفة نوم مهجورة

لازهرَ يكررُ عطره

لاغيمَ يكررُ مطره

—-

مصطفى الطرابلسي

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :