- الراحلة فاطمة بن فضيلة
يعود العامل من معركة الخبز
يخلع معطفه
يغسل كفّيه
يعقّم ظلّه و يعانق طفليه
“خطأ قاتل“
سأعيد كتابة هذا النصّ من الأوّل
يعود العامل من معركة الخبز
لا معطف كي يخلعه
لا قفّازات لديه
لا “كمّامات“
كي يكتم صوت الآهة عن طفليه
يخلع جلده
يترك عند الباب يديه
كي لا توعز له باللمس
فتح “في معركة الخبز” باب المصنع آلاف المرات
و شغّل آلات القطع بكفّيه
و احتكّ بعشرات الأجساد في حافلة النقل
سعلت في وجهه سيّدة يلفظها الحجر الصحيّ صباحا
كي تقطع حجَرا آخر في ذات الشارع
يعود العامل من معركة الخبز مساء
لا أحد يهتمّ
في الحجر الصحيّ
أفتح في كسل حاسوبي
أترشّف أخبار الموتى
أكتب تعليقا في الفايسبوك
أوزّع صوري على المكتئبين
أسحب كيس القبلات من ديوان “الصائغ“
أضع مرئاتيه المتعاكستين على وجهي و أسعل
أتعقّب جنديا مجهولا في ليل قصائده
أقترب من سور حدائقه
“ممنوع اللمس“
الموتى أيضا في الحجر الصحيّ
يتسلّل في الفجر العامل
يقذفه البيت الى الشارع
يسِلمه الشارع للمصنع
لا أحد يهتمّ
ان مات
سنقول شهيد الخبز
و ان عاش
سنقول ناضل في أيّام الحجر
و نغني أياما
ثم نصمت كالأموات
في الحجر الصحّي أتقصّى أخبار صديقاتي
أرسل قبلات عبر الواتساب لأهلي
أشتاق لأمي
أشتاق ل “ميرو”
و هو يهمس في عنقي ” أنا نحبك أكثر“
في الحجر الصحيّ
ننام و نأكل
نتحرّك في كسل أمام التلفاز
نتذمّر من طول الوقت
و نفكّر في الموت
يعود العامل يوميا من معركة الخبز
يخلع جلده عند الباب
و يقص يديه
لا وقت لديه لكي يتذمّر
“ما معنى الحجر الصحيّ“
تقول عاملة لصديقتها
و هما متلاصقتان
في حافلة النقل اليوميّ