في بيتنا شاعرة

في بيتنا شاعرة

  • عائشة حداد

 من سكب الحبر؟. . من كسر قلمي؟

– عفوا ، هي هكذا : من أسال دموعي  ؟. . من كسر يميني؟

تشابك المعنى  ولم تحافظ الكلمات على مكانها. وسط صراخ وصوت جنائزي سحبها من شعرها: ألم أحذرك من الإقتراب من الكتابة. قبلها كان قد دخل غرفتها لاهثا ودون استأذان ، أخرج من تحت وسادتها  كتباً ،بدت له عناوينها غريبة ،رماها أرضا ثم داسها برجله ،سحب من تحت سجادة الصلاة  قصاصات ورق كتبت عليها نصوصا طازجة : قيود وأجنحة ، قارع الأجراس. . . .

أغرقها في المرحاض. عاد إليها دفعها بكل قوة وقسوة من الخلف

سقطت أرضا ولكي تحمي وجهها من الإرتطام استندت على ساعدها أحست بألم وشرخ في العظم ،وسمعت كسرا في قلم الحبر تقبض عليه تخفيه ،فتحت كفها لتجد الحبر إختلط بالدم.

قلبت الأم كفيهاخائفة إكتفت بالإيماء وشد خمارها تمسح دمعها ثم أنفها.لم تكن تقوى حتى على التعاطف مع إبنتها.

خرج دخان كثيف من غرفة المطبخ الضيقة إنها قدر العشاء احترقت،  ركضت الأم إلى الداخل تداركت الأمر حملت دلو الماء سكبته على نار الكانون وقدر العشاء.

– لن نرى خيرا وابنتك تحتفظ بدواوين الشعر .سوف يأتي يوم نحرق فيه جميعا.سوف تأكلنا نار جهنم.

– بادر الى رأسها الصغير سؤال وهي تحزم معصم يدها اليمنى : هل جهنم تكره الشعر؟؟.

******

الآن أعترف ,أني كنت مختلفة ولست بصدد المقارنة مع أحد. وحدها أمي اكتشفت ذلك منذ صغري, أحيانا كثيرة كانت تبكي وهي تراقبني أتتبع نملة على مسافة أميال من الحقل إلى جحرها ,أغير مكان نومي في الليلة أكثر من مرة تقول لي: يابنيتي نخاف غير نهار تموتي ندفنوك في مكان نلقاوك في مكان آخر.تضيف وهي تخفف من حيرتها ضاحكة: عايشة أم قبرين.

 بحدسها البسيط عرفت أن الحياة لا تعطي هدايا,وأن حياتي لن تكون سهلة.

تضع يدها اليمنى على خذها وتسند رأسها باليد اليسرى , رأس يزيد ثقله ويصبح مائلا وأنا أصف لها غيمة يتيمة تجوب السماء وحيدة تبحث عن أهلها. عن الثلج المتساقط في الخارج كيف كان سكرا حافظ على لونه الأبيض ,و أضاع مذاقه, فالأمر شبيه بأنهار الخمر والعسل.

أحدثها : في داخلي أكثر من عائشة. وأن الله يخفي حبه للكسكسي بالرمان.

وحين أصبحت يافعة لم أهتم كقريناتي بحكايات الحب ومراقبة الذكور.

كنت بجسم  نحيف متناسق, كثير الحركة, ووجه مدور تلفحه الشمس ,وجدائل طويلة تسافر في كل مكان.

كل سعادتي في الركض أطراف الحقول , وتسلق الأشجار.

أعترف : أني وضعت طلاء الأظافر لأول مرة في حياتي يوم زفافي, وكنت انظر الى أطراف أصابعي ملونة ,فتنتابني موجة من الضحك.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :