محمد الطياري
جلَّ المُصابُ، مَجازًا قولُنا “جللُ”
مصابُ درنةَ خطبٌ ليس يُختزلُ
مُصابُ درنةَ لا الأقلامُ تُسعفُنا
في وصفِ هولِه، لا الألفاظُ، لا الجُملُ
كلُّ الجراحِ – وإن طالت مواجعُها –
فسوف يأتي زمانٌ فيه تندملُ
إلا جراحَكِ يا درنةُ ليس لها
في القلبِ قطُّ التئامٌ، أو لها أجلُ
لا تعذلوني إذا ما الدَّمعُ غالبني
كم جلَّ خطبٌ ولم تَدمعْ ليَ المُقل
لكنَّ قلبي تكلَّم من فجيعتِها
فأمسى نزفًا عصيُّ الدمعِ ينهمِلُ
كم انزويتُ، فلم أكتبْ لنازلةٍ
درءَ الشقاقِ، ومن شطّوا، ومن سفلوا
لكنَّ خطبَكِ أقوى كان من جلدي
فكان حتمًا يزِلُّ الفارس البطل
يا ليتني كنتُ أقوى في تحمُّلِه
بل ليته كان خطبًا بعدُ يُحتملُ
أو ليتني أستطيعُ الانزواءَ لكي
تلقى الدُّموعُ ملاذًا فيه تنهطلُ
“تصبَّروا” قال قومٌ … هاتوا صبرَكمُ
ولتطفئوا جمرةً في القلبِ تشتعلُ
“تصبَّروا” قال قومٌ … أين صبرُكم
قد عيلَ صبري، وقد ضاقت بيَ السبلُ
“تصبَّروا” قال قومٌ، هل تصبُّرُكم
يعيد مَن فارقونا الأمسَ وارتحلوا
لو كان فردًا لقلنا الجمعُ قد سلموا
أو كانوا رهطًا لكادَ الجمعُ يكتملُ
لكنَّها بلدٌ سيقت بأكملِها
بالسَّيلِ زُلفى، لبحرٍ موجُه ثمِلُ
دورٌ بما وسعت من أنفسٍ جُرفت
وكم تِلادًا، حواهُ المركبُ الوحِلُ
وكم عمائرُ كانت فيك شامخةً
سيقت بمن فيها، يا سهلٌ، ويا جبلُ
رحماك يا سيل، في الأوحال أفئدة
رحماك يا بحر لا تعجلْ به الأجلُ
رحماك يا ربيَ أنَّى تلتجي امرأةٌ
إلّا إليكَ وأنَّى يلتجي الرجلُ
أنتَ السَّميعُ فكم من دعوةٍ رُفعت
أنتَ الرَّحيمُ فهل من رحمةٍ تصلُ
أنتَ الغفورُ، فإن كانت معاصيَنا
فاغفرْ ذنوبَنا، هذا يونسٌ مثلُ
أو حان حيْنٌ ففي أفياءِ جنتِكم
حيث الشفيعُ، وحيث السّادةُ الرُّسلُ