قراءة وتقييم موقف حول أزمة “طرد الدبلوماسيين الروس”

قراءة وتقييم موقف حول أزمة “طرد الدبلوماسيين الروس”

بقلم :: حسن الوافي 

 فصول الأزمة    

تصاعدت الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت مطلع شهر مارس 2018 بين بريطانيا وروسيا على إثر محاولة اغتيال عميل استخباراتي روسي منشق (سيرجي سكريبال) على الأراضي البريطانية.

حيث أعلنت 22 دولة غربية يوم اﻹثنين 26 مارس، طرد أكثر من 100 دبلوماسي روسي من أراضيها في حملة تضامن مع بريطانيا هي الأوسع في تاريخ العلاقات الدولية، والدول هي:

بريطانيا (سبق وأن طردت 23  دبلوماسيا روسيا

أمريكا: 60 دبلوماسيا  (48 من السفارة الروسية بواشنطن و12 من البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة)

الاتحاد  الأوروبي: فرنسا (4)، ألمانيا (4)، بولندا (4)، التشيك (3)، لثوانيا (3)، الدنمارك (2)، هولندا (2)، إيطاليا (2)، أسبانيا (2)، إستونيا (1)، كرواتيا (1)، فنلندا (1)، المجر (1)، لاتيفيا (1)، رومانيا (1)، السويد(1).

أوكرانيا: 13.

كندا: 4.

ألبانيا: 2.

أستراليا: 2.

النرويج: 1.

مقدونيا: 1.

 الخلفية السياسية

تأتي هذه التطورات كأحد فصول الأزمة السياسية التي تشهدها القارة الأوروبية على خلفية عودة روسيا بقوة للعب دور كبير على الساحة الإقليمية والدولية ومحاولتها استعادة نفوذها في الجوار الإقليمي المباشر وتدخلها العنيف في الأزمة السورية، ويأتي تمددها الجيوسياسي على حساب أوروبا خصوصاً دول أوروبا الشرقية التي باتت تخشى بشكل حقيقي على سلامة أراضيها من الطموح الروسي على غرار ما حصل في (الشيشان – جورجيا – أوكرانيا).

على المستوى الاستراتيجي، فإن الدول الأوروبية التي لطالما اعتمدت على مظلة الولايات المتحدة الأمريكية لحمايتها من التغول الروسي من خلال عضويتها في حلف الناتو، اصطدمت في العقد الأخير بليونة موقف أمريكا تجاه المغامرات العسكرية الروسية واكتفائها بالعقوبات الاقتصادية وإقصاء روسيا من عضوية نادي الدول الثمانية الكبرى، ويأتي موقف أمريكا هذا بناء على حساباتها الخاصة بعدم دفع روسيا إلى المزيد من التحالف مع الصين حيث تسعى من خلال استراتيجية القبول بدور روسي إقليمي أكبر إلى استقطابها أو تحييدها في الصراع الاستراتيجي للقوى العظمى (أمريكا – الصين)، ولا ترى أمريكا أن صعود روسيا المحدود قد يشكل خطرا حقيقيا عليها أو على حلفائها، حيث أن الإنفاق العسكري الروسي لا يتجاوز 10% من الإنفاق الأمريكي أي ما يعادل إنفاق بريطانيا لوحدها (ولا يمكن أن يقارن بإجمالي إنفاق دول حلف الناتو وشركائها).

إلا أن الإدارة الأمريكية الحالية تتعرض لضغوط إعلامية وسياسية متزايدة من الداخل والخارج، حيث تطارد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شبهات تلقي دعم روسي في حملته الانتخابية، وتتهم الدوائر الليبرالية في الغرب بوتين بالتدخل في السياسة الداخلية لعديد  الدول الغربية وربما التأثير على عملية صنع القرار السياسي من خلال إساءة استخدام التكنولوجيا والعمليات الاستخباراتية وأشهرها (انتخابات عام 2016 في الولايات المتحدة و استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) في محاولة لإضعاف النفوذ الغربي.

 تداعيات مستقبلية

من المتوقع أن ترد روسيا بالمعاملة بالمثل وتطرد نفس العدد من دبلوماسيي الدول التي شاركت في الحملة ضدها، ولا نتوقع أن تسعى الدول الغربية للمزيد من التصعيد في هذه المرحلة نظراً لاعتماد أوروبا في توفير حاجتها من الغاز الطبيعي بنسبة 25% على روسيا وهو المصدر الرئيسي للطاقة، ومن جانب آخر لعدم وجود رغبة أمريكية حقيقية في  مواجهة روسيا وما تزال تعتبرها شريكة في قضايا أخرى مثل مكافحة الإرهاب، إلا أننا لا نستبعد احتمالية أن تتدهور الأوضاع إلى المزيد من القطيعة الدبلوماسية و/أو مواجهات بالوكالة في ساحات ملتهبة بالفعل مثل سوريا حيث تسعى الدول الغربية إلى عدم تحقيق رغبة روسيا في استثمار انتصارها العسكري إلى تسوية سياسية تضمن استمرار نظام الحكم الحليف لروسيا.

لا تدخل منطقة شمال أفريقيا ضمن المناطق المحتمل انتقال الصراع إليها على المستوى المنظور نظراً لاحتفاظ معظم دولها بعلاقات جيدة مع كافة الأطراف وعدم تواجد عسكري روسي في المنطقة  ولذلك نرى أن تحتفظ ليبيا بمسافة واحدة من جميع أطراف الأزمة الدبلوماسية الحالية وتدعو إلى التهدئة وحلها عبر التفاوض والطرق السلمية وضرورة احترام القانون الدولي واللجوء إلى المنظمات الدولية المتخصصة في حل الإشكاليات القائمة.

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :