فسانيا : زهرة موسى / موسى عبد الكريم
يستقبل قسم الأطفال في مركز سبها الطبي العديد من الحالات الخارجية بالإضافة إلى الحالات الداخلية ” الإيوائية ” ، ولكنه مؤخرا بدأ يشتكي من زحام الحالات الخارجية المترددة للعلاج ، خاصة في ظل نقص الأدوية والمعدات والكوادر الطبية ، لذا تواجدت فاسانيا داخل أروقة مركز سبها لنقل الصورة بوضوح أكبر من قسم الأطفال .
نقص الكوادر الطبية بقسم الأطفال
أفادت السيدة ” فاطمة أحمد ” نائبة رئيس -قسم الأطفال ” : نحاول دائما أن نقوم بعملنا على أكمل وجه ، بالرغم من نقص عدد الكادر الطبي إذ لا يكفي العدد الموجود لتغطية عمل القسم ، فنحن نستقبل حالات خارجية بالإضافة إلى الحالات الإيوائية بالقسم ، بينما عدد الأطباء في كل مناوبة طبيبين ، وإجمالي عدد التمريض بقسم الأطفال 22 ممرضة يتوزعن بحيث لايتجاوز العدد ممرضتين في كل مناوبة ، وفي أحسن الأحيان قد يصل العدد إلى 4 ممرضات في الفترة المسائية .
القسم الأطفال يئن لازدحام الحالات
إن كثرة الحالات الخارجية تسبب ربكة في العمل ، فلا يمكن للممرضتين تغطية القسم والحالات الخارجية لتي قد تصل أحياناً إلى 60 حالة في الفترة الصباحية ، بالإضافة إلى 35 حالة إيوائية داخل القسم ، مما يسبب البطء والتأخير في تقديم العلاج والرعاية اللازمة للمرضى ، وهذا يؤذي للعجز عن تغطية كل الحالات المرضية .
ولهذا نتمنى أن يتم إيحاد تنظيم يساعد على حل مشكلة توافد الحالات الخارجية لقسم الأطفال .
التقينا في هذا التقرير مريم وهي قريبة أحد الأطفال المرضى و سألناها عن رأيها في الخدمات الطبية المقدمة بالقسم فأجابت : ” يوجد بعض الاهتمام بالأطفال النزلاء داخل القسم أكثر من بقية أطفال الحالات الخارجية، وهذه المشكلة حيث تأتي أحيانا للمستشفى بطفل مريض وتنتظر طويلا حتى يتفرغ الطبيب المناوب من مروره على الحالات اإيوائية ،وبعدها يفحص الحالات الخارجية ،فتنتظر الدور لأن القسم مزدحم جدا ، وبعض الأشخاص لا يحترمون تسلسل الدور، فين حين و حين يقتحم أحدهم حجرة الفحص ، وقد تحدث مشاجرات لهذا السبب .
معاناة الأطفال المحمومين بلا المصل المضاد للعقارب
وأشارت السيدة فاطمة أحمد إلى أن أكثر حالات التي تستقبل داخل القسم في هذه الفترة تعاني من ” تشنجات حرارية ، التهاب الصدر ، إسهال ، و لدغ العقارب ” ، وبالمقابل يعاني القسم من نقص في أدوية أساسية للإسعاف مثل ” علاجات ارتفاع الحرارة ، مصل العقرب، وبعض المعدات كالقفازات وغيرها ” .
ومن المهم جدا توفير هذه الأدوية خاصةً وأننا نستقبل حالات كثير تعاني من الحمى ، وأيضا لدغات العقرب التي قد تصل إلى معدل خمس حالات في الأسبوع .
ملائكة الرحمة تحت وطأة العنف
أفادتنا السيدة ” حليمة حسن/ مشرفة القسم ” بأن هناك العديد من المشاكل التي تعيق عملنا داخل قسم الأطفال في ظل الأوضاع الأمنية ،فهناك إعتداءات كثيرة على الكوادر الطبية والطبية المساعدة .
ولقد حدث أن تم الإعتداء على ممرضة داخل القسم من قبل أحد المواطنين بسبب نقص إسطوانات الأكسجين داخل القسم، فبعد أن علم بعدم وجود أسطوانة الأكسجين قام بتعنيف الممرضة وقال لها : عليك بأن تحضري “أنبوبة الأكسجين “فورا!
و انفض النزاع بعد تدخل بعض الممرضات اللواتي استطعن إخراج الممرضة من هذه الورطة التي كادت أن تشعل مشكلة كبيرة داخل القسم.
إن الإعتداء يتكرر على غالبية الممرضات من قبل المواطنين الذين يأتون لطلب لعلاج فيتم التعامل معهم بطريقة صحيحه على أكمل وجه ، و أحياناً يأتي للقسم أشخاص آخرين لديهم استعداد تام للعنف و التهجم على العناصر الطبية بالتهديد أو أحيانا تصل الأمور لحد الضرب واشهار السلاح .
غالباً حين يأتي مرافق بمريض في حالة حرجة تحتاج للإسعاف السريع يتم استنفار طاقم العمل بسرعه لإنقاذ حياة المريض وتوفير الرعاية الكاملة له . و تحت الضغط النفسي تفاجأ بمرافق المريض يهدد بقتلك مقابل حياة مريضه في أروقة المستشفى !
ورغم ظهور بوادر استقرار و هدوء في الفترة الماضية حين قامت مجموعة من أفراد الدعم بتوفير الحماية للمركز بالكامل مما قلل من الاعتداءات داخل القسم، و حد من مظاهر التسلح داخل المركز، إلا أن هذا لم يدم طويلاً، حيث قامت مجموعة مسلحة بتعدي على أفراد الدعم وأطلقت النار على عناصر الأمن مما تسبب بمقتل شخص وإصابة آخرين .
حياة طفلتي أو موت طاقم التمريض
وذكرت السيدة حليمة حسن ” في الفترة الماضية أتي شخص بطفلة مريضة وهي بحالة يرثي لها، وقدمنا أكثرممانستطيع لعلاجها ، إلا أن والدها أشهر سلاحه في وجوه العاملين بالقسم وكان يتوعد إن حدث أي مكروه لطفلته فسوف يطلق النار على الجميع فأصاب الذعر الموجودين ، إلا أننا تعاملنا مع الموقف بشكل إيجابي وبعقلانية واستطعنا تهدئته وتمت السيطرة على الموقف قبل أن يتفاقم.
ونوهت مشرفة القسم ” بأن هناك العديد من العناصر الطبية والطبية المساعدة قدموا إستقالتهم ،والبعض ترك العمل من تلقاء نفسه في ظل غياب الأمن والتعرض الدائم للاعتداء و الخوف من تكرارها مستقبلا . وهناك العديد ممن انتقلوا إلى عيادات ومصحات خاصة هروبا من العمل بمركز سبها الطبي بسبب تفاقم الأمر وتصاعده وهذا الحال تعاني منه جميع أقسام المركزو ليس قسم الاطفال فقط .
وهناك من الممرضات عدد يعمل داخل المركز بالرغم من كل ما يحدث ،ليأتي شخصا مسلح خلال الدوام ويقوم بالإعتداء عليهن، ونحن في ظل مجتمع قبلي ، فأي اعتداء على شخص امرأة أو رجل سيجر الأهل لعدم السكوت و الاقتصاص من المتعدي على ابنتهم او ابنهم ، ولن يتقبل الأهل أن يعمل الأبناء في مكان الحادثة معرضين حياتهم للخطر.
وإذا أرادت إدارة المركز أن تحافظ على استمرار باقي موظفيها بالعمل ، فعليها تأمين الحماية للمركز ، فمن دون الأمن لا يمكن للعناصر الطبية والطبية المساعدة استكمال العمل بصورة صحيحة من خلال التواجد بشكل مستمر داخل المركز دون خوف .
و أعربت مشرفة القسم عن أمنياتها بأن تحل هذه الإشكالية في أقرب وقت ، فمركز سبها الطبي هو المركز الوحيد الذي يعالج و يستقبل غالبية حالات المرضى في الجنوب بعض المرضى مثقلون بتكاليف التشخيص والعلاج
أماعن وضع العلاج بالقسم قالت “مريم” وهي مرافقة طفل من الحالات الخارجية ” إن المعاملة بشكل عام جيدة في القسم ، ولكن وجدت بعض الحالات يشتكين من نقص الأدوية ، المشكلة بأن الأدوية ناقصة في صيدلية المركز ، فنضطر لشرائها من الخارج بأسعار مرتفعة جدا ، ومن المفترض أن يتم توفيرها بصيدلية المركز ، فنحن لا نقوى في هذا الوقت أن نشتري أدوية بهذه الأسعار أتمنى فقط من إدارة المشفى أن تسعى لحل هذه المشكلة .
التقت فسانيا إحدى الأمهات المرافقة لطفلها المريض داخل القسم لتسرد قصتها مع تكاليف العلاج قائلة : ” إن التعامل هنا أكثر من جيد، فالممرضات يسعين إلى تقديم الخدمات للمرضى على أكمل وجه ، أنا هنا منذ فترة لا بأس بها بسبب مرض ابني منذ أنجبته و أنا أقضي معظم الوقت بالمستشفى ، ولاحظت إن مشكلة نقص الأدوية وبعض أنواع التحاليل ترهق أهل المريض ، فقد يطلب منك اجراء التحاليل وجلب الأدوية من خارج المركز ونحن نجد صعوبة في شرائها خصوصا في ظل هذا الغلاء المعيشي الذي نقاسيه اليوم .
وذكرت المرافقة الأم ” إن أكثر ما يحزن هو أن تأتي لتعالج ابنك بمركز عام ولا تجد أي علاجات ، إضافة لنقص الأطباء ذوي الإختصاص ، والعاملون بالمركز يحتاجون إلى دورات للتدريب و التأهيل .
و أضافت “يجب على إدارة المركز أن توفر لنا المختصين بدلاً من أن نسافر خارج المدينة أو خارج البلد للعلاج ، لماذا لا نجد المختصين هنا . لكم أن تتخيلوا طفلي البالغ عام من عمره وقد أجريت له عملية بطرابلس لفتح ” حلمتين ” لأن كليتيه ضعيفتين ، وقد توسعت الحلمة وجئت لمركز سبها لعدم قدرتي على السفر مجدداً ، لأنني لا أمتلك تكاليف السفر و النزول بمستشفى خاص . وعند اتصالي بالطبيب الذي أجرى لطفلي العملية الجراحية ، قال بأن الأمر بسيط جدا ويمكن لأي طبيب هنا بالمركز تضيق الفتحة ، وهذا الأمر لايحتاج للكثير .
لكن للأسف منذ الأمس و أنا بانتظار أن ينهي الطبيب المختص التزامه بامتحان الطلبة ليأتي ويجري الجراحة لطفلي .
رغم أن هذا الدكتور حاول شرح الأمر لزميله وطلب منه أن يقوم به ، لعدم قدرته على المجيئ ، إلا أن زميله اعتذر بأنه لا يستطيع التدخل فهو ليس مختص بهذا المجال ويخاف أن يخطئ .
و إلى الآن لا يزال جسد طفلي بفتحتين وأخاف أن تتعرضا للتلوث ، ولكن ما باليد حيلة : فأنا موجودة منذ شهر هنا بالمركز لأعالج طفلي ، ومنذ فترة كنت بطرابلس وبقيت هناك بمشفى العام لما يقارب شهر وبعدها طلبوا مني أن أذهب للمشفى الخاص ، و بالفعل ذهبت وهناك قمت بإجراء الجزء الأول من العملية ، ونجحت ، وعدت إلى سبها فانتكست حالة طفلي، و أصبح الآن يعاني من ارتفاع نسبة اليوريا ، وفقر الدم ونقص الكالسيوم ، وقد أخبرتني إحدى الممرضات بأنه من المحتمل جدا أن يتم تحويلي مجددا لطرابلس ، لأن وضع طفلي يتدهور.
في الحقيقة ليست لدي أي قدرة مادية على الذهاب للعلاج في طرابلس ، فأنا أم لأربعة أطفال ، ووضعي المادي متواضع جدا ، ومنذ عام و أنا بين المستشفيات ومصاريف الأدوية والعلاج ، والآن لا أملك سوى الدعاء له ، فطلفي عانى الكثير وهولايزال صغير ، كم أتمنى أن يتحسن وضعه ، و أن يشفيه الله و جميع المرضى .
شهادة رضا عن خدمات الطاقم الطبي بقسم الأطفال
في ظل لقاءنا بالأمهات المرافقات داخل قسم الأطفال التقينا أم محمد التي أدلت بشهادتها عن خدمات التمريض قائلة : ” إن العاملين بقسم الأطفال متعاونين جدا ، سواء أطباء أو ممرضات ، فالجميع لديه استعداد لتقديم المساعدة ، قد تعترضك بعض المشكلات كنقص الأدوية ، وهذا أمر طبيعي نظراً لما نعانيه وما نعايشه من أحداث. لست من الحالات الإيوائية ولكن طفلي مريض ويعاني من ارتفاع في الحرارة وأنا حالة خارجية ، وهذا يعني أن أنتظر حتى يكمل الطبيب مروره على الحالات الموجودة بقسم الأطفال ” الإيوائية ” ومن ثم يكشف على الحالات الخارجية ، إلا في حالة وجود حالات طارئة .
وأردفت أم محمد ” كما ترين القسم مزدحم بالمرضى ، و أغلبيتهم راضون عن خدمات القسم ، ومن الجيد أن تجد كادر يعمل بهذه الطريقة في هذا الوقت العصيب ، ولكن مشكلتنا دائما نركز و نتحدث عن السلبية ، ولا نذكر الأشياء الايجابية ، النظرة الإيجابية مهما كانت صغيرة فهي تحيي بداخلنا الأمل وتبعث نفوس العاملين بالقسم الرغبة بتقديم أفضل .
وتمنت المرافقة أم محمد في نهاية حديثها الشفاء و التعافيللجميع ، وقدمت كل الشكر للممرضات و أطباء القسم .