- قصة قصيرة : عوض الشاعري
قالت وهي تختبر حرارة المكواة:
– هذا القميص يجعلك أكثر وسامة .
– هذا اعتراف منك بوسامتي أذن ؟
– انا لا أمزح… تبدو أصغر من سنك بكثير هذه الفترة
بدأت تمرر المكواة على القميص بآلية .. وعيناها تتفحصان وجهه
قال :
– أيزعجك أن أبدو أصغر من سني ؟
– لا .. لكنك لست صغيراً على كل حال ,, أنسيت أن بناتك يطلبن للزواج ؟
,,,, لولا تحججك بإكمال دراستهن لكنت الآن جداً.
– نعم ,, تقصدين أصغر جد على الإطلاق
– مالفرق؟ ,, أصغر جد ,, أكبر جد ,, المهم هي المرحلة التي لا ترغب في الوصول اليها
– أي مرحلة ياعزيزتي التي لا أرغب وصولها؟,, أتدرين كم مضى على زواجنا؟,,,
عشرون عاماً بالتمام والكمال نحن الآن ياعزيزتي في صميم المرحلة .
تركت المكواة وخرجت وراءه وهو يغادر الغرفة , وقالت بلهجة ساخرة:
– نحن ,, ها ها ها قل أنا ,, أنا وحدي ,, أنا فقط من دخل المرحلة قبل الآوان ,,
أو ربما تجاوزت كل المراحل ,, أتذكر عند زواجنا ؟ كان عمري ستة عشر ,,
والآن .. الآن أبدو كسيدة في الستين ,, أما أنت ,, هيه ,, أنت شباب على طول ,,
تصور أبناؤك يقولون أن زملاءهم كانوا يتخيلونك أكبر بكثير مما أنت عليه,,,
إحدى زميلات ابنتنا الكبرى ,, رسمت لك صورة من خيالها ,, كنت فيها ,, أصلعاً,,
وبعينين تجحظان خلف زجاج نظارة طبية سميكة ,, ها ها ها ها ..
– وما الذي يضحكك ,, أتتمنين ذلك ؟
– لا أبداً , ولكنها لطيفة .
– الصورة ؟
– لا الفتاة
– لم ؟,, هل لانها حققت حلمك ,, ولو على الورق ؟
– ومن قال اني احلم أن أراك على تلك الشاكلة ؟
– ضحكاتك !
– على العكس ,, على العكس ياعزيزي فأنا اليوم سعيدة
– وما سبب سعادتك ياترى ؟
– ألا ترى أننا لم نتحاور هكذا منذ زمن بعيد ؟
– ربما .
– أرجوك حدثني ,, عن أي شيء ,, حدثني فأنا أشعر بحاجة للحديث معك اليوم أكثر ,,
حدثني ,,,, حدثني .
– فيما بعد ,, فيما بعد ,, لقد تأخرت , وأنت لم تفرغي من كي القميص.
– القميص … القميص … ياه … انسيتني … يبدو أنه قد تفحم .. هل تشم هذه الرائحة ؟
لقد احترق.. احترق القميص .. القميص الذي يجعلك أكثر وسامة .
نظر إلى وجهها بأسى … راعه ارتباكها … مد يده وراح يمسد شعرها المنكوش بلطف …
ضمها إلى صدره برقة … طبع قبلة على جبينها … ثم خرج إلى الشارع وهو يبدو أكثر سعادة …..وربما أيضاً أكثر وسامة .
