كانت أروع من ماريشال

كانت أروع من ماريشال

بقلم :: إبراهيم عثمونة 
حين امتدت يدي لتصافحها كنتُ أنوي أن أقبّل ظهر يدها معتذراً عن الخطأ الذي بدر مني . كنتُ أنوي من البداية فعل ذلك حتى أنني انحنيتُ قليلاً إلى الأمام في مشهد يبدو للناظر كنوع من الاجلال لها . تدربتُ على هذه العملية قبل أن أقوم بها لأيام ، وتصورتُ نفسي أنحني وأقبّل ظهر يدها إثناء المصافحة ، وكنتُ أتدرب بشكل يومي في الهواء لوحدي وأتصورها أمامي فانحني قليلاً إلى الأمام ويدي تسبقني ثم سرعان ما أنكب على ظهر يدها في قبلة افتراضية لم يحدث أن صنعتها في حياتي . نعم ، حتى يوم كنتُ صغيراً أشاهد صور الناس يقعون على يد الملك ويقبلونها ، كنتُ أمقتهم ، وحتى يوم صارت الناس تنكب وتقبل يد معمر القذافي كنتُ أمقتهم.
لكنني اليوم تدربتُ على العملية وأعددتُ نفسي لها جيداً ، وتصورتها في عيني أكبر من الملوك والرؤساء ، وحين جاء الموعد واقترب ذهبتُ واستبدلتُ ملابسي ، ومررتُ على صديق يقتني أغلى العطور وأخذتُ منه قليلاً على كتفي هذا وكتفي هذا ، في حين أخذ هو ووضع منه على صدري ، وسمعته يقول لي / بعد أن تصافحها يا ابراهيم اعتدل جيداً حتى يفوح عليها العطر.
ابتسمتُ في وجهه وغادرتُ.
في الطريق لها كنتُ اقف مرة بعد مرة لأمتلئ جيداً ، وكنتُ أصنع هذا بعرض الشارع وأملأ صدري بالهواء وأكرر العملية أربع وخمس مرات قبل أن أواصل سيري . كنتُ أفعل هذا والناس والمارة يشاهدونني ويظنون أنني أمارس الرياضة بعرض الشارع ، دون أن يعلموا أنني كنتُ أمتلئ تحوطاً حتى لا أقع وأخرّ في حضرتها على الأرض.
وحين وصلتُ المكان وفتح لي الحرس بابها كانت هي تقف هناك في استقبالي . كانت تقف عند المدخل ، كانت أروع من الماريشال “ديغول” وهو يقف ويستقبل ضيوفه على عتبات قصر الاليزيه ، وكانت أكثر من عيشة القذافي وهي تقف في شرفة والدها . بدت مبتسمة لي من بعيد ، وشعرتُ بثقة كبيرة وبشيء يشد أزري كما لو أنه حزام فلاح يشد به وسطه.
الله
ما أجمل أن تمر بشعور كهذا.
ما أطيب أن تتذوق الصفح من الحبيب ، وما ألذ أن يطالعك من مسافة بنظرة من هذا النوع.
وقفتُ هنيهة عند أول عتبة ، ثم تدرجتُ أصعد ووجهي تارة لها وتارة لها ، وحين وصلتها وقفتُ أيضاً هنيهة أخرى قبل أن أمد يدي وأصافحها . كانت رائعة جداً ومتواضعة ، حتى أنها سحبتْ يدها بعد مصافحة حارة لي لكنني تشبثتُ بظهر اليد ولاحقته وقبلته مرتين متتاليتين وهو يتملص مني . وكانت هي أيضاً تضع عطراً وأنا أقبّل ظهر يدها مرتين متتاليتين ، نعم مرتين حين شعرتُ برأسي قد وقع في غمرة العطر وحين هززته بجد ليتخلل عطرها شعر رأسي ، ويوم عدتُ إلى القرية بقي العطر عالقاً بشعر رأسي لوقت طويل . هم أخبروني بهذا ، وصار الرجال يسألونني عنها وصارت النساء تغار من عطرها وأنا أمر قريباً من باب بيوتهن ، وعشتُ بعدها أسعد مخلوق في القرية.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :