بقلم :: د :: عابد الفيتوري
كيف أبدأ كتابة الشعر مرة أخرى عندما أشعر ان كل قصيدة أكتبها سيئة أو زائدة عن الحاجة ؟
- هذا سهل! .. والكثير من الشعراء والكتاب العظماء .. يعتقدون أن بعض روائعهم كانت قمامة مطلقة .. خذ على سبيل المثال فرانز كافكا .. حاول في الواقع إقناع أحد أصدقائه بحرق كل أعماله جملة .. بعد وفاته ، مدعيا أنها لا قيمة لهم ومشينة بحق اسمه.
معظم الفنانين هم قساة في نقدهم لأنفسهم .. أنا لا أقول عملك رائع ( أنا لم أقرأه ) .. ولكن فقط .. ادرك أنه لا أحد آخر لا يرحم ابدا كتاباتك .. كما انت.
مجرد الحفاظ على استمرارية العمل .. ثق بي ، سوف يأتي مع الوقت .
ما هي الإجراءات غير التقليدية التي تحسن من نمط حياتك اليومي ؟
توقفت عن الاستماع إلى الموسيقى أثناء تنقلاتي ورحلاتي .. قبل بضعة أسابيع ، أدركت أنه في كل مرة تركت بيتي ، أود أن تكون سماعات صوتية لصيقة بطبلة الاذن .. الموسيقى جيدة تسلي نفسك من رحلة طويلة .. ومع ذلك ، فإنها الهاء يمنعك من الاستمتاع بالحياة في الجوار .. والتفاعل مع ما هو محيط بك الان .. ما يمنعك من التفكر والتدبر .. لذا قررت ” سد العجز” .. لكنني أدركت أنني لم أكن مرتاحا مع الصمت .. أنا دائما بحاجة إلى شيء من طنين في الخلفية ، سواء كان التلفزيون أو كاسيت .. لم أكن مرتاحا بالبقاء جالسا في غرفة صامتة.
الموسيقى تؤطر مزاجي كثيرا .. تمنحه فسحة .. معظم الأغاني تتحدث عن الحب أو الحسرة .. أدركت أنه من خلال الاستماع إلى هذه الأغاني يوميا ، امتع نفسي لا شعوريا .
الآن بعد أن توقفت ، وجدت أنني أستطيع السيطرة على عواطفي بصورة أسهل .. أنا أكثر سعادة وأكثر إنتاجية من ذي قبل .. استثمر وقتي بكفأة .. أحصل على الأشياء عندما احتاج إلى القيام بعمل ما .. لأن مشاعري لم تعد مشتتة .. حتى تأخذ نصيحتي ، سد العجز! .
هل يصبح المحافظين ليبراليين ؟
نعم حدث .. زوجي فعل .. أغرب شيء في ذلك .. أتذكر لحظة حدوثه ، لأنه حدث في فضاء بضع دقائق .. كلما أفكر في ذلك ، لقد استغرق من الوقت مدة قول جملة واحدة.
عندما التقيت زوجي ، كان محافظا جدا .. كنت قد شكلت لأول مرة أفكاري السياسية الخاصة في المدرسة الثانوية ، وكنت ولا ازال ليبرالية جدا .. في وقت مبكر إلى حد ما من علاقتنا ، اتفقنا على أنه سيكون هناك أوقات .. لن نرى القضية المطروحة بعين واحدة .. وقررنا أنه في تلك الأوقات ، ينبغي لنا .. وببساطة .. الاتفاق على عدم الاتفاق .. ثم المصافحة .. لقد أحببنا بعضنا البعض .. وأرادنا أن نقضي حياتنا معا ، وخشية ان ينال التشويش الناجم عن مناقشة الامور السياسية من علاقتنا .
حدث عدة مرات عندما كان من الصعب محاولة اقناعه بالأخلاق المدنية .. وكانت لدي الكثير من الحجج الراجحة .. كنا نناقش قضية سجن غوانتانامو .. عندما أعلن عن ايداع الرجال المشتبه في انتمائهم لجماعات الإرهاب هناك .. كنت غاضبة من ذلك .. لأنني رأيت .. ان ذلك السلوك يشكل ثغرة في متناول يد الحكومة .. والتي من شأنها أن تسمح بإيداع أي شخص وراء القضبان .. لمجرد الاشتباه به جنائيا .. وتحت طائلة الحماية الدستورية ، فيما هؤلاء أسرى حرب ، ينبغي ان يخضع احتجازهم لبنود اتفاقيات جنيف .. رأيت أنه الغش العلني .. كان لزوجي وجهة نظر أخرى .. قال : بعض الأشياء تبدو لك اليوم غير مناسبة .. وغدا سترين انها كانت مناسبة .
لقد اكتشفت مؤخرا عندما حاولت المزاح معه حول تلك الحوارات القديمة ، أنه ومنذ وقت طويل ، بدأ يشعر بالخجل العميق من ذلك السلوك المشين .. أنا لا أعرف ما إذا كنا سوف نكون قادرين اكثر من أي وقت مضى لأن نضحك ونحن نسترد تلك الحجج البالية .
وكما ذكرت سابقا ، انقلب زوجي من كونه محافظا ليصبح ليبراليا في غضون بضع دقائق .. كنت جالسة هناك ، وشاهدت ذلك ، ولا يزال موقفه الغريب جدا يسكن فكري .
نحن نعيش في بلد .. البنادق في كل مكان .. كما أن العديد من العناصر التي تم تطويرها للاستخدام العسكري أو إنفاذ القانون .
في عام 2004 ، مع اشتعال الحروب في العراق وأفغانستان ، كان هناك الكثير من الحديث هنا من عائلات المجندين بالذات .. تتسأل عن الدروع الواقية لأبنائهم .. بعد كل تفجير مباغت يلتهم ثلة منهم .. وكان الناس يحاولون أيضا معرفة جدوى دروع حماية مركبات المجندين من التفجير الانتحاري .. والألغام الارضية .. والعبوات الناسفة محلية الصنع .
أعرف فتاة من ذوي الخبرة المباشرة مع الاحداث .. عملت طبيبة في قاعدة في الكويت .. روت لي الكثير عن الرجال الذين أصيبوا بسبب عدم وجود الدروع الواقية المناسبة لحماية أجسادهم أو عرباتهم .. وذات يوم كانت في قافلة محاصرة وهوجموا بذات الطريقة .
عرف زوجي أنها مشكلة كبيرة.. وذات يوم ، كنا نشاهد برنامجا إخباريا ، وتصدر المشهد ” دونالد رامسفيلد ” نائب الرئيس ، ووزير الدفاع ، كانوا يتحدثون مع جنود في قاعدة خلفية .. ( ديسمبر 2004 .) .. سأله الجندي : لماذا كانوا يخدعون ؟ .. الدروع صدئة .. والزجاج الباليستي ضد النيران غير مجدي . وكان رد رامسفلد : ” تذهب إلى الحرب مع الجيش ، وفي الجيش ليس هناك ان ترغب أو لا ترغب في أن يكون .. ذلك في وقت لاحق “.
كان رد فعل زوجي غريب جدا .. كان يجلس على الأرض ، مسافة عشرة أقدام من التلفزيون ، يلاعب كلبنا .. عندما سمع ما قاله رامسفيلد .. انتصب واقفا وتراجع للوراء اكثر .. وكأنه قفز من مكانه بعيدا عن الشاشة .. وارتسمت على وجهه نظرة من الغضب والاشمئزاز .. وقال ببساطة : “هذا كل شيء ” .. وغادر الى الشرفة الامامية للمنزل كما اعتقدت .. لكنه غادر المنزل الى الخارج .
عندما عاد ، قال لي : انه كان مستاء جدا وغاضبا .. وانه اختار ان يتمشى بالطرقات ليهدئ من نفسه .. وذكرني بأسف .. كم عدد المرات التي ذكر فيها احترامه للرئيس بوش وأعضاء حكومته واتفاقه مع رؤيتهم .. ذكرني ايضا .. كم مرة كان غاضبا عندما يتبين له انهم ارتكبوا خطأ ما ، وكم دافع عن الاتهامات التي وجهت اليهم .
فكرت حينئذ أن زوجي لديه بالفعل تجارب مشبعة بالإحباط مع المحافظين والحزب الجمهوري .. اعتقدت أنه من الأرجح أن ما قاله رامسفلد هو ببساطة الشيء الذي دفعه على الحافة البعيدة عن اليمين .. في وقت لاحق ، بينما كنت أتحدث معه ، اكتشفت أن الأمر ليس كذلك .. لقد وجد في كلمات رامسفيلد انسان بلا عقل .. إن غزونا للعراق لم يكن قرارا على ذبابة ردا على بعض الأعمال التي لا تحتمل .. لقد اختارت الولايات المتحدة موعدا لبدء الحرب .. قال زوجي : إن هذا .. غير مقبول .