- ميمون يوسف الشيخ
هناك أشياء مهما حاولنا شرحها لن نستطيع تسليط الوضوء على جميع جوانبها، وسنضل عاجزين من تمحيص الغث من السمين بين سطورها ومعانيها، ولكن تبقى المحاولة هنا هي البطولة بذاتها، لتقريب القراء والمهتمين والمجتمع ككل من فهم ماهية هذه الأشياء وكيف تحصل خصوصا عندما تكون هذه الأشياء تمس حرية الإنسان وحقوقه الطبيعية والمشروعة، الكثير من الليبين لا يملكون أي فكرة عن المعاناة التي يعيشها إخوة لهم في الدين والوطن وهم الفئة التي نستطيع أن نقول عنها 《 عديمي الجنسية 》 كما يعرفها المجتمع الدولي أو العائدون كما يقال لهم في أوساط المجتمع الليبي، وحتى لو وجدت من يعلم بوجودهم ستجد أن هناك الكثير من الجوانب التي يجلها، ولا نلوم على أحد حيث أنهم لم يحظوا بالتضامن والتعاطف من المجتمع الليبي نفسه أيضا من الإعلام وقادة مؤسسات المجتمع المدني، مما جعلهم يكافحون لوحدهم من أجل قضيتهم العادلة في خيضم تخاذل الكثير ممن يدعون أنهم مدافعين عن حقوق الإنسان وأنهم يقفون دائما في صف المظلومين والضعفاء، وهذا ذكرني بحكمة جميلة جدا تبين أهمية الضامن المجتمعي وأن يدافع كل فرد في المجتمع عن الآخر تقول الحكمة 《 أتو وأخذو يهوديا وقتلوه ولأنني لم أكن يهوديا لم أفعل شيئا ثم أتو وأخذو مسيحيا وقتلوه ولأنني لم أكن مسيحيا لم أفعل شيئا أتو وأخذو مسلما وقتلوه ولأنني لم أكن مسلما لم أفعل شيئا ومن ثم أتو لأخذي ولم يبقى أحد ليدافع عني!! 》ومن هنا تتبين لنا أهمية التضامن المجتمعي وأن يدافع كل واحد منا عن الآخر لأنه وببساطة قد يكون الدور عليك وعلى إنتهاك حقوقك ولنا في التاريخ تجارب عديدة في هذا الباب، وبعد الانفتاح الكبير في الجانب المدني في ليبيا في سنة 2011 أتجه الكثير من الشباب الليبين إلى تأسيس المنظمات والجمعيات ونخرطوا في مختلف التخصصات والأنشطة وذلك لرفع من وعي المواطن أيضا لدعم عملية التحول الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة حيث بلغ عدد مؤسسات المجتمع المدني في ليبيا 5500 منظمة محلية، 42% منها تم تسجيلها عام 2012، و67 منظمة دولية وأعداد الأعضاء المؤسسين لهذه المنظمات بلغ خمسة وأربعين ألفا وسبعمائة وأربعة وثلاثين عضوا في إجمالي البلاد و58% منهم يحملون شهادات جامعية فأعلى، ومن بين هؤلاء المؤسسين توجد فئة كبيرة من النشطاء الليبين 《 عديمي الجنسية 》 ينشطون في مناطقهم ويشاركون في كل المناشط المحلية تقريبا، وتتمثل هذه التحديات في عدم قدرتهم على تأسيس منظمة أو جمعية أو إتحاد شبابي الخ .. لأنه من شروط تسجيل أي منظمة أو جمعية محلية غير ربحية أن يكون الأعضاء المؤسسين أرقاما وطنية، وصور من جوازات سفرهم أو البطائق الشخصية، لكي تكون المنظمة مسجلة لدى مفوضية المجتمع المدني بطريقة قانونية تخولهم لممارسة أنشطتهم بشكل سليم وقانوني، ولهذه الأسباب أغلب المؤسسات التي يديرها الشباب الليبين الذين لا يملكون أرقام وطنية غير مسجلة لدى مفوضية المجتمع المدني لعدم إنطباق الشروط عليهم، وفي نفس الوقت بعض مكاتب المفاوضية في بعض المدن تقبل جميع الملفات التي يتم تقديمها لها وتعترف بالرقم الإداري الذي يحمله بعض الليبين الذين لم يتحصلو على الأرقام الوطنية بعد، وهذا دليل على أن المفاوضية لا تملك موقفا واضحا وصريحا حيال شروط التسجيل ومن يمكنه التسجيل وإلا فكيف تختلف آلية التسجيل من مكتب لآخر !! وهذا دليل أيضا على أن هناك من يستغل عدم أمتلاك هؤلاء الشاب للأرقام الوطنية لإقصائهم ولقد كان لي تجربة شخصية في هذا الباب لا يسعنى ذكر تفاصيلها الآن وبعد مغادرة أغلب المنظمات الدولية ليبيا لأغراض أمنية ولوجستية، يواجه الكثير من نشطاء مؤسسات المجتمع المدني من فئة عديمي الجنسية مشاكل عديدة من ناحية الاستفادة من خدمات هذه المنظمات في تمويل أنشطة منظماتهم، والاستفادة من التدريبات التي تقدمها لرفع مستوى عمل المنظمات المحلية في ليبيا حيث بدأت هذه المنظمات عملها خارج ليبيا في دولة تونس ومصر ومالطا، وتمنح الفرص لبعض المنظمات والنشطاء المحللين الليبين للاستفادة من خدماتها ومن جهة أخرى هناك فئات لا تستطيع استخراج جوازات سفر فبتالي لن تستفيد من هذه الأنشطة التي تقدمها المنظمات الدولية للمنظمات المحلية في ليبيا، رغم تلقى هذه الفئات دعوات بشكل مستمر لحضور مختلف الأنشطة التي يتم تنظيمها خارج ليبيا وهذا الإجراء ساهم بشكل كبير في فشل بعض المنظمات المحلية التي يقودونها، وعدم إستطاعتها الاستمرار في مزاولة أنشطتها لعدم تلقيها الدعم الفني والتمويل من المنظمات الدولية المانحة الكثير من هذه المنظمات المحلية تعتمد مصادر تمويلها بشكل ذاتي احيانا أو من رسوم العضوية وأحيانا من جهات خاصة . هم جزء من المنظومة المدنية الليبية ودعاة لتغير و داعمين لتحول الديمقراطي والدفاع عن حقوق الإنسان وتقديم الدعم في أماكن النزاعات فيجب صون حقهم في المشاركة، وهذا ما نص عنه ” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .. وهذا قليل من كثير وللحديث بقية .