لبنان ينتخب الرئيس ” العماد جوزيف عون أمام مهمة عودة الاستقرار و السيادة الوطنية “

لبنان ينتخب الرئيس ” العماد جوزيف عون أمام مهمة عودة الاستقرار و السيادة الوطنية “

مالك المانع

 يشهد لبنان تطورًا لافتًا في مسار أزماته المتفاقمة مع عملية انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسًا للجمهورية. يأتي ذلك في ظل فراغ سياسي مستمر منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، الأمر الذي زاد من تأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي داخل البلد .

يتساءل كثيرون ما إذا كان انتخاب جوزيف عون ، سيمثل خطوة نحو الاستقرار وإعادة السيادة الوطنية، أم هو مجرد محاولة لتسكين الأزمات دون حلول جذرية؛ و لكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة في هذا التوقيت بالذات

هل تمثل عملية انتخاب العماد جوزيف عون اختياراً توافقياً أم أنه مجرد إجراء اضطراري فقط؟

في الحقيقة لنجيب عن هذا السؤال لابد لنا من أن نسلط الضوء أكثر على مسيرة الرجل الذي لطالما ارتبط اسمه بانتهاج سياساتٍ تتسم  بالهدوء و الاتزان حتى عرف عنه كونه شخصية توافقية استطاعت الحفاظ على المؤسسة العسكرية بعيدًا عن الانقسامات السياسية والطائفية، رغم تصاعد الأزمات في البلاد ، إذ يراه البعض مرشحًا “غير استفزازي” يمكن أن يشكل نقطة التقاء بين القوى السياسية المتصارعة، لا سيما في ظل انسداد الأفق أمام أي مرشح محسوب على فريق سياسي بعينه.

لبنان أمام تحديات السيادة الوطنية.

رغم ما يُعرف عن جوزيف عون من نزاهة وحرص على حماية دور الجيش كحارس للوطن، إلا أن انتخابه لن يكون كافيًا بحد ذاته لإعادة السيادة الوطنية المفقودة. إذ يتداخل في المشهد اللبناني النفوذ الخارجي بشكل عميق، سواء عبر النفوذ الإيراني المتمثل في حزب الله أو الأدوار الإقليمية والدولية الأخرى. وقد يجد عون نفسه في موقف صعب إذا حاول الموازنة بين إعادة الدولة إلى سيادتها الكاملة وضمان استمرار الاستقرار الأمني.

و على صعيد اقتصادي فإن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها لبنان تمثل حجر العثرة الأكبر أمام أي رئيس للدولة اللبنانية و بالرغم من خلفية “عون ” العسكرية فإنه سيحتاج إلى رؤية اقتصادية شاملة واستعداد للعمل مع المؤسسات الدولية، وهو أمر يتطلب توافقًا داخليًا قد لا يكون متوفرًا بسهولة.

و من هذا المنطلق فإننا نجد أنفسنا أمام سؤال آخر يقضي بالاستفهام حول قدرة العماد على النجاح في تحقيق ما فشل فيه الآخرون؟

التاريخ اللبناني مليء بالأزمات التي لم تكن شخصيات توافقية قادرة على حلها، بل استُخدمت كأداة لتأجيل الصراعات. قد يواجه جوزيف عون المصير نفسه إذا لم تُقرن خطوة انتخابه بجدية القوى السياسية في إطلاق إصلاحات حقيقية، لا سيما في ملف القضاء ومكافحة الفساد.

أخيراً : يمكن أن يمثل انتخاب جوزيف عون لحظة فارقة في تاريخ لبنان إذا ما ترافق مع توافق داخلي وإرادة سياسية حقيقية لإعادة بناء الدولة. لكن دون معالجة العوامل البنيوية التي تُقيد السيادة الوطنية وتُعمق الأزمات الاقتصادية، سيبقى الأمر مجرد تغيير في الوجوه وليس في السياسات.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :