إبراهيم فرج
الدمار في بلادي لحق بكل شيء بدءًا بالإنسان مروراً بالبنيان وانتهاءً بالزرع والحيوان ، نعم هذا ما حصل ويحصل في بلادي فهل كان الأمر يستحق كل ذلك ؟ إن التكالب على المال والسلطة والتحجج بالوطنية والوطن وجعل دمار الوطن والمواطن ماهي إلا ضريبة واجب دفعها لأجل ذلك التبجح ، واستقواء بعضنا على بعض واختيار عناوين لمعاركنا بين بعضنا وتسخير المنابر الإعلامية لتذكية الفتنة تحت تلك العناوين البائسة التي لم تجلب لنا إلا زيادة في الشِقاق والعداوة والكره الذي تأصل بيننا ، وعلى هذا المتواصل تشوهت الحقائق وانتقلت هذه العدوى لتصيب شعبا بأكمله لم يعد يرى إلا أن من يخالفه هو عدوه ، واستحل قتله ، ولم يعد يرى ما آلت إليه نتائج هذه الحروب المتواصلة من موت للشباب ودمار للبناء والزرع والحيوان ، لم يعد يهتم أحد بما آل إليه حال هذا الوطن من تمزق وتشريد أهله وضياع هيبته واستباحة حدوده ، بل تجرؤ إقليمي ممن لم يكن يتجرأ قبل على تناول قضية تشرذمنا وحال وطننا في منابرهم الإعلامية على أن ليبيا المستباحة كعكة جاهزة ويحثون رؤساءهم وحكوماتهم على ضرورة أخذ الحصة من هذه الكعكة ، شيء مخجل ومحبط في آن واحد ، ونحن وساستنا لا نهتم إلا بكيفية دعم الجبهات بين أبناء الوطن الواحد ونفرح ونكبّر على قتل الأخ لأخيه والدمار للوطن ، لماذا يا ترى ؟ لماذا يقتل بعضنا البعض ؟ لماذا ندمر وطننا بأيدينا ؟ لماذا أصبحنا نصف بعضنا بالعدو ؟ هل هكذا تُبنى الأوطان ؟ لاوالله ما هكذا يبنى الوطن ، وما هكذا يُصنع الإنسان ، وما هكذا كان اجدادنا الذين ضحوا من أجل الوطن ، هل من استفاقة ؟ نعم يجب أن نستفيق وننزع عنا هذه اللعنة التي حلت بنا إنها لعنة السلاح الذي قتلنا به ودمرنا به ، دعونا نستفِق وننقذ ما تبقى من هذا الوطن الذي أوغلنا في دماره ، كما أوغلنا في قتل بعضنا البعض ، إن التشبث بالعناوين الخادعة لا يزيدنا إلا شتاتا ، يجب علينا إسكات البنادق والمدافع ، والإنصات إلى صوت العقل ونرى ما فعلت أيدينا لعلنا نعود إلى رشدنا ونستدرك شيئاً مما تبقى ، دعونا نلتقي من أجل أبنائنا ولنترك لهم وطناً بدلا من أطلال وضغينة وحقد ، دعونا نلتفت إلى حدود هذا الوطن المستباحة ونغلقها في وجه الطامعين المتربصين بنا ، دعونا لآخر حلم لنا وهو أن تكون ليبيا واحدة موحدة ، ألا يستحق ذلك أن توقف الحرب لأجله … أم أننا سنبقى أداة طيّعة في الطامعين والمستفيدين من اقتتالنا، هي صرخة من مواطن مكلوم يرى وطنه يتلاشى أمام ناظريه .. قد لا تعني الكثير لمن يرى أن ما يحدث الآن هو من أجل الوطن . إن غداً إن لم نتعظ سيكون مرعباً لأبنائنا .