لو أردنا من يصفق لنا لاتجهنا إلى السيرك

لو أردنا من يصفق لنا لاتجهنا إلى السيرك

  • أحلام أبوكتيف

قيلت هذه العبارة لتوني مينديز في اللقطات الأخيرة من فيلم “آرغو” ARGO ، الفيلم الذي ينتمي لفئة أفلام السيرة الذاتية والدراما السياسية المثيرة التي تسند الأحداث المهمة وتضعها مثل قرط في أذن العالم.

عندما كان عرش الشاه محمد رضا بهلوي يترنح في إيران بعد ضربات متتالية من قبضة الثورة الإسلامية وحرسها المدجج بالكره للشيطان الأكبر وقعت الحادثة الرئيسية التي صورها الفيلم وهي أزمة الرهائن الأميركيين بين عامي 1979.. 1981، بعد اقتحام طلاب إيرانيين للسفارة الأميركية في طهران، ما أدى إلى احتجاز 56 رهينة، بينما استطاع ستة دبلوماسيين الهرب من باب في مكتب التأشيرات.

قصدوا أولا السفارة البريطانية التي رفضت استقبالهم ليتوجهوا إلى السفير الكندي “كين تيلور” حيث اختبأوا في بيته لمدة ثلاثة أشهر.في الفيلم تتأجج الأحداث من جموع مجنونة ومشانق تتدلى منها الجثث في الشوارع وتفجيرات في كل مكان ما يجعل المُشاهد يختنق بدخان الإطارات ورائحة الموت التي تنبعث مع النظرات القاسية واللعاب المتطاير من الكلمات الغاضبة.

نجح مخرج الفيلم “بين أفليك” في رسم ملامح المرحلة تماما كما نجح في إقناعنا بشجاعة العميل مينديز الذي لعب دوره في الفيلم، وصلنا الرعب الذي يطل من عيون الرهائن ومسّتنا ارتعاشات أجسادهم وهم يعبرون الطريق إلى المطار ثم إلى بلادهم بمساعدة خبير الماكياج في هوليوود “جون تشامبرز” والمنتج “ليستر سيجل” الذي اختار سيناريو لفيلم خيال علمي اسمه “آرغو” وبدأ بالفعل في العمل الدعائي عليه لإقناع الذكاء الأسود للحرس الثوري وقتها.

هنا جاء دور “توني مينديز” عميل الCIA المتخصص في صنع هويات مزيفة وساهم بفعالية في عمليات إخلاء لرعايا أميركيين من عدة مواقع في العالم، تقمص مينديز هنا دور منتج الفيلم وسافر إلى طهران ليلتقي الرهائن الست ويصنع منهم فريق الإخراج الكندي المكلف بدراسة واختيار أماكن تصوير الفيلم الخدعة وهنا تتوالى الأحداث المرعبة وصولا إلى انطلاق صيحات الفرح والحرية من الرهائن بعد خروج طائرتهم من المجال الجوي الإيراني.ظلت هذه العملية بعدها حبيسة ملفات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حتى رفع عنها الرئيس بيل كلينتون السرية، وعندما فاز الفيلم آرغو بجوائز الأوسكار كأفضل فيلم لعام 2012 وأفضل سيناريو مقتبس وأفضل مونتاج فإن سيدة أميركا الأولى وقتها ميشيل أوباما هي من أعلنت ذلك في بث مباشر من البيت الأبيض وأرفقت النتيجة بعبارة “هذا خيار جيد”.

كعادة معظم أفلام السيرة الذاتية التي تنتجها هوليوود فإنها تستند على قصص حقيقية أو شهادات أصحاب هذه القصص، شخصيات وإنجازات ومعاناة إنسانية يتفق عليها الجميع تقريبا وتشكل إرثا للوجدان الأميركي، أذكر هنا فيلم شخصيات مخفية Hidden Figures، الذي أنتج عام 2016 تخليدا لسيرة عالمة الرياضيات الأميركية ذات الأصول الأفريقية “كاثرين جونسون” التي عانت كثيرا من العنصرية وساهمت بمهارتها في إرسال رائد الفضاء الأميركي “جون غلين” ليدور حول الأرض في رحلته الشهيرة عام 1962.

أيضا فيلم “42” الذي أنتج عام 2013، تخليدا لذكرى لاعب البيسبول “جاكي روبينسون” أول أميركي أسود يلعب في دوري أبطال كرة القاعدة في فريق “بروكلين دودجرز” أواخر أربعينيات القرن الماضي.أما الخبير توني منديز فقد نعته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA عند وفاته ووصفته بأنه من أهم ضباطها الذين ساهموا في حماية الأمة الأميركية بطرق مختلفة، وأما عالمة الرياضيات كاثرين جونسون فقد تركت اسمها في تاريخ أميركا وفي الشارع الذي يقع فيه المقر الرئيسي لوكالة الفضاء الأميركية ناسا، ولاعب البيسبول جاكي روبينسون استولى حيا وميتا على الرقم 42 في كل فرق البيسبول الأميركية .

وهدم الحجر الأول في سور العنصرية المتين لتتوالى أحجاره بالانهيار فيما بعد ويحكم القانون قبضته على الجميع ويفرض المساواة التي كانت حلما مستحيلا في تلك القارة ذات يوم.أما أنا، فوضعت يدي على قلبي حتى خروج الرهائن صحبة مينديز كأنني كنت معهم، وبكيت في الفيلمين الآخرين مع جونسون ومع روبينسون عندما ظلما أولا وعندما سطعا فيما بعد وأنصفتهما بلادهما ورسما صورة للإنسانية التي تعطي بلا حدود دون انتظار النتائج التي ستأتي حتما وستتجاوز كل تصوراتنا.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :