ليبيا .. إلى وين رايحين ؟

ليبيا .. إلى وين رايحين ؟

  • الكاتب الكبير / المهدي يوسف كاجيجي

بعد سقوط نظام سبتمبر كنت عائدا إلى طر ابلس عبر الطريق الساحلي برفقة صديق ، أوقفتنا احدى البوابات، كانت طوابير تنتظر، ومجموعة من المسلحين بملابس مدنية يقومون باستلام الرخص والبطاقات الشخصية، ويقومون بنقلها الى غرفة بها جهاز كمبيوتر للفحص. تداعبنا مع الشاب الذى استلم بطاقتينا الشخصية، وبعد أن أطلع عليها نادى على شخص يبدو أنه المسؤول وقال بصوت عالى: يا برهوم هونى وغدامسى، لم يلتفت برهوم، ورفع يده الى اعلى محركها يمينا وشمالا بلا اية مبالاة فأعيدت لنا البطاقات، وسمح لنا بالمرور ،ضحكنا يومها، وسألت صديقى متعجبا: كيف عرف اننا هوني وغدامسي ؟! – رد ضاحكا: من مكان إصدار البطاقات يا فالح.

هويتك حظك !
لم أدرك معنى ما جري، واعتبرته وقتها مجاملة لنا أهل الجنوب. ولكن عندما انفجر صراع المصالح فى مطار طرابلس، انكشف المستور عن صراع مناطقي، تحول مع الوقت إلى صراع مسلح شمل الشمال كله بقطاعيه الشرقي والغربي، وعلى اعتبار أننا أهل الجنوب نلعب دور الكومبارس فى المشهد الليبي. بدأت أعرف معنى الخطف والموت على الهوية، وكيف يكون مكان ولادتك او مكان صدور هويتك الشخصية سببا فى سعدك أو نحسك. فى وطن فقد مواطنوه حق المواطنة، وتحولوا إلى وليمة فى مأدبة اللئام، أجتمع عليها كل ذئاب الدنيا. وطن فقد أهله الطريق للعودة إلى تحكيم العقل، ووظفوا خلافاتهم القبلية والمناطقية والجهوية فى الصراع، فتشرذموا الي مناطق، وقبائل، وأعراق، وأقليات، ومدن منتصرة، ومدن مهزومة. وطن سيطر على مفاصله المنهكة من لا خبرة لهم، بمنطق الولاء قبل الخبرة .

إلى وين رايحين ؟!
ايها السادة سألتكم بالله : إلى وين نحن رايحين ؟. الموت يحصد شبابنا، والدم الطاهر يواصل نزيفه، ونحن أعمانا الحقد وفقدنا البصر والبصيرة، ودين الدم يتراكم بيننا، ليكون سدا مانعا لأى حوار مستقبلي وسيلاحقنا وسيطارد أجيالا من بعدنا، وماكينة أعلامية مجنونة تواصل فحيحها، وتصف موتانا ب (الجيف ) والشقيق ب ( العدو ). فقدنا لغة الحوار، وتفاخرنا بالأستقواء بالأجنبي ضد الشقيق بدون خجل.أفيقوا وليرحمنا ويرحمكم الله مما هو قادم.

* الصورة:حسب احصائية شهر يوليو لمنظمة الصحة العالمية، وصل عدد ضحايا القتال فى طرابلس إلى اكثر من ألف قتيل و 5000 جريح من الليبين. الصورة من صفحة ابوسليم نبض العاصمة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :