ليبيا..اكذوبة شرف القبيلة

ليبيا..اكذوبة شرف القبيلة

  • المهدي يوسف كاجيجي

الحكاية رواها لي دبلوماسي ليبي مخضرم، سافر إلى الاردن لحضور مؤتمر اقتصادي تزامن انعقاده وجود خلافات اردنية فلسطينية تنذر بصدام عسكري مع الجيش الأردني، وهذا ما حدث بعدها بالفعل.يقول صاحبى :لاحظنا عند الوصول حالة من التشدد للإجراءات الأمنية،أشار لها الملك حسين فى خطاب الافتتاح : نحن نعتذر ولكن ذلك كان خارجا عن ارادتنا، لظروف فرضت علينا، وكانت أوامري وتعليماتي تطبيقا لوصية جدى جلالة الملك عبدالله رحمه الله، الذى قال لى بالحرف الواحد: يا بني للضيف وعابر السبيل على ارضك حرمة، واكرامه وحمايته واجب يمس شرف القبيلة، واى اذى أو مكروه يحدث لهما هو عار سيلحق بك وبأهلك وعشيرتك وقبيلتك إلى الأبد.

اين ذهب الكبار؟
تذكرت الحكاية، والوصية، وانا اتابع اخبار الأطباء الستة الذين تم اختطافهم وهم فى طريقهم إلي مدينة غدامس، للقيام بعمل تطوعى، بالكشف عن المرضي وإجراء العمليات الجراحية المطلوبة، وتم التحفظ عليهم كرهائن، من اجل مقايضة بشخص من القبيلة آلتي اوقعهم حظهم التعيس بالمرور على ارضها، وهم فى طريقهم لآداء مهمتهم النبيلة، وفشلت كل المحاولات فى اطلاق سراحهم والإفراج عنهم .وامام عجزي لفهم ما يجري سألت نفسي: أين كبار القبيلة ؟ من ما يطلقون على أنفسهم القاب شتى، مثل شيوخ وحكماء واعيان وزعماء للقبائل ، والذين ازدحمت بهم القنوات الفضائية، فى ” مؤتمرات الرز واللحم ” ، التى يتم عقدها للترويج لفريق ضد فريق آخر، ضمن لعبة الصراع على السلطة فى ليبيا.أين ذهبوا وتركوا المشهد ليسيطر عليه شباب ارعن عديم التجربة ؟.

شرف القبيلة !
ما نتداوله بيننا، عن الرجولة والفروسية والكرامة والفزعة وشرف القبيلة، ليست سوى اكذوبة وكلمات متورمة لا معنى لها،وهذا ليس مقصورا على واقعة الاطباء المخطوفين والقبائل والمنطقة التى جرت الأحداث على ارضها، بل يشمل كل الوطن المخطوف، وإلا فاجيبوني: أي شرف هذا الذى يتغاضى عن اختطاف الاخ لاخيه واهانته، وعرقلته ومنعه عن القيام بواجبه الانساني تجاه شقيق أخر ؟. أى شرف هذا لوطن، حوله اهله الى رهينة وغنيمة، يتكالب عليها الجميع، وتحول معظم سكانه إلى قطاع طرق ؟. أى شرف هذا الذى يقوم فيه الشقيق بقطع الماء عن شقيقه والمساومة به ؟. أى شرف هذا الذى يتم بشكل متواصل وممنهج من تخريب وتدمير وسرقة المعدات الخاصة بشبكات الكهرباء والاتصالات والمشاريع بكل أنواعها فى كل أنحاء الوطن المنكوب بأهله ؟. أى شرف هذا الذى يسمح بتعرض المسافرين من الأطفال والشيوخ والمرضى من الذين اضطرتهم الظروف للسفر عبر مطار مصراته وتعرضهم للسطو في الطريق الذى يربط ما بين العاصمة ومصراته. وأي .. وأي أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات طويلة.

ايها السادة، لا يستطيع أحدا كان فردا او أسرة او عشيرة او قبيلة او منطقة، أن يتنصل عن مسؤليته لما يحدث فوق ارضه وبين أهله، وخاصة ما يمس الآخر الشريك فى الوطن. وشرف القبيلة هو الضامن لاكرام الضيف وعابر السبيل، وتقديم الحماية لهما، وهو التزام ضمنته كل القوانين والأعراف الاجتماعية المتوارثة عبر حقب تاريخية طويلة، والتي ضمنت الامن والسلام للعابرين على ارضها، وغير ذلك سيكون عارا أبديا متوارثا يلحق بالقبيلة وأفرادها ،وهذا ما ذكره الملك فى وصيته لحفيده الملك.ويا ليتنا ندرك ذلك.

* الصورة: الأطباء المخطوفون ،صورة من منشورات صفحة ” الكل “

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :