ليبيا .. من سيدخل الجنة؟

ليبيا .. من سيدخل الجنة؟

  • المهدي يوسف كاجيجي

فكرة
نشر صديق علي صفحته، فكرة منقولة تقول: [ماذا لو وضعنا في كل محل يبيع الخضروات صندوقا فارغا، وعلي كل مشترٍ أن يتبرع بحبة واحده من كل صنف اشتراه، لتوضع في الصندوق. تخيلوا الحصيلة اليومية، من حبة واحدة، لن تنقص من ميزانك شيئا، سيستفيد منها الكثير من اخوتنا المحتاجين، وتثقل ميزان حسناتكم. وتذكروا أن عيد الفطر المبارك علي الأبواب.

هلبة.. هلبة !!
ذكرتني الفكرة بحكاية صديق عزيز رحمه الله، جمع ثروة طائلة. وفي يوم تناقشنا في النسبة المستخرجة من زكاة المال، فقام بعملية حسابية وردد مفزوعا ” هلبة.. هلبة ” وهي تعبير بلهجة سكان طرابلس تعني ” كثير.. كثير “. حدث ذلك منذ نصف قرن، رحل صديقي فيه إلي بلد بعيد جدا وعندما مات، انتقلت ثروته كلها لزوجته الأجنبية الشابة من سكان ذلك البلد، وتعيش أسرته بيننا كفافا.

المال مالك !!
أنعقد حفل لجمع التبرعات لصالح ثورة فبراير، في واحدة من دول الخليج، لاحظ أحد منظمي الحفل وهو السيد نوري الكيخيا رحمه الله، ان الحصيلة التي جمعت ضئيلة، بالرغم من تواجد عائلات ليبية حاضرة، فأخذ الميكروفون موجها كلامه الي النساء من الحاضرات قائلا: يا حرائر ليبيا، أسمعوا جيدا، المال مالك.. والعطاء بأفضالك.. واللحية ليكي .. بس ماسكها لك. وكانت الحصيلة مذهلة.

والسؤال ؟!
الفكرة.. والحكايات تجرنا لسؤال: هل ثقافة، المشاركة الجماعية في العمل الخيري والتطوعي موجودة لدينا؟ المتعارف عليه عندنا، هو قيام الميسورين بمبادرات فردية، وتوزيع عائد الزكاة والصدقة، في شكل مبالغ نقدية، على المحتاجين في المناسبات الدينية، أو في شكل مرتبات شهرية تصرف للأسر الفقيرة. خارج الوطن عرفت رجالا أسخياء، قدموا العون والدعم لكثير من أبناء وطنهم، من الذين اضطرتهم الظروف للعيش في الخارج . ولقد كتب الاستاذ أحمد الصالحين الهوني، وزير الأعلام الأسبق والناشر لجريدة العرب اللندنية رحمه الله، ان السيد يحي عمر رجل الاعمال رحمه الله، اتصل به خلال فترة تأسيس الجريدة، وقدم له دعما ماليا كبيرا، شريطة ان يبقي التبرع سرا ، وبموت السيد يحيي عمر، تحرر الاستاذ أحمد من وعده، ونشرت العرب السر. وعندما اغتيل المحامي محمود نافع في لندن نقل جثمانه إلى القاهرة وقتها طرحت فكرة ضرورة إنشاء مقبرة ليبية، وتم التنفيذ بتبرعات ابناء الجالية.

الجوع كافر !!
تطورت الدنيا، وتطورت آليات العمل الخيري والتطوعي، ولم يعد فرديا، وتحول إلى مؤسسات استثمارية يوظف عائدها في أعمال الخير. على اعتبار أن المشاركة في العمل التطوعي، ثقافة متحضرة وانعكاس لإحساس أنساني نبيل مرهف، يتفاعل فيه الأنسان مع أهله ومجتمعة في زمن الأزمات. واعتقد أن ما حل بنا الآن من تدمير نتيجة الصراع على السلطة وغياب كامل الدولة الكامل وتشريد آلاف الأسر النازحة، وتفشي الأنانية، وسيطرة ثقافة الفرد ” أنا ومن بعدي الطوفان ” أضف على ذلك الانتشار المرعب لوباء “الكورونا” وما سيترتب عليه من أزمات اقتصادية واجتماعية خطيرة تهدد العالم، من اخطرها المجاعة والنقص الحاد في الموارد كل ذلك يدعو الي العمل على نشر ثقافة العمل الخيري على اعتبار انه يمثل ، خط دفاع استباقي دَعِماً للأمن الاجتماعي.

أيها السادة، تذكروا جيدا أن العالم ما قبل “كورونا” سيكون مختلفا جداً ما بعد كورونا، والخروج من الأزمة سيحتاج إلى سنوات، ولا ننسى اننا بلد قليل السكان، مترامي الأطراف، يحيط به دول بعضها شديد الفقر يعاني معظمها من مشاكل الانفجار السكاني. وعلى ارضكم يعيش أكثر من مليون لاجئ، وهذه كلها تمثل افواها مفتوحة وبطونا جائعة، والجوع كافر. وتذكروا جيدا ما قاله الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري: [عجبت لمن لم يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه].

* أعيد النشر بعد التعديل بالحذف والإضافة في النص الأصلي .وعيدكم مبروووك وعدوكم مهلوووك.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :