ليبيا.. وطن فى المزاد

ليبيا.. وطن فى المزاد

  • المهدي يوسف كاجيجي

أصدرت محكمة مصرية، حكما بالحجز التحفظي على الأموال الليبية فى مصر، ويشمل ذلك كل ما للحكومة الليبية لدى الغير فى الشركات، والحسابات المودعة فى المصارف، وإلزام الحكومة الليبية بدفع ما يقارب مائتين وواحد وستين مليوناً من الدولارات، لصالح عائلة “غرغور” وهى عائلة فلسطينية ثرية كانت تعمل فى التجارة فى ليبيا، وصودرت أموالها بعد سقوط النظام الملكى. ومن أشهر هذه الممتلكات “أرض غرغور” وهو منتجع للإسكان الفاخر فى ضواحى العاصمة طرابلس، تم الاستلاء عليه وتوزيعه على اصحاب النفوذ.

سبق ذلك صدور حكم دولى، لصالح رجل الاعمال الكويتي الخرافي، بموجبه تدفع الحكومة الليبية مبلغ ما يقارب من مليار دولار، تعويضا عن استثمارات فى منتجع سياحي فى طرابلس.

ويشير الدكتور سليمان ابراهيم، مدير مركز دراسات القانون والمجتمع بجامعة بنغازي، في مقالة له على صفحات ليبيا المستقبل فى نوفمبر 2016:

[أن عقد الخرافي مع ليبيا، كان ضمن برنامج تنموي بدأه النظام السابق في سنواته الأخيرة، والتى يبلغ عددها 9513 عقداً، بقيمة إجمالية قدرها 96.7 مليار دينار ليبي، وفق تقرير أعدته لجنة شكلها مجلس الوزراء. وعليه يحتمل أن تكون قضية الخرافي واحدة من قضايا أخرى كثيرة محتملة. ولا تنحصر مشكلات ليبيا في العقود الداخلة في البرنامج التنموي. فعقودها الأخرى مرشحة أيضاً لأن تكون موضوعاً لنزاعات قضائية].

– المتربصون

طابور المتربصين طويل، ولا يقتصر على تعويضات الشركات وتعاقداتها السابقة، ولكن يتضمن ايضا قائمة الدول التي سبق ان اتهمت ليبيا بالإرهاب.وتنتظر الفرصة للانقضاض، كما حدث مع تصريح نائب رئيس المجلس الرئاسى، لصحيفة بريطانية، عن احتمال قبول حكومة الوفاق، بدراسة مطالب أهالى ضحايا الجيش الجمهوري الأيرلندي، من اجل دفع تعويضات لهم. عقب التصريح تقدم أعضاء برلمانيون باقترح لمجلس اللوردات البريطاني، بمشروع قانون لتعويض اسر الضحايا ٬من الأموال الليبية آلمجمدة فى بريطانيا.

من ناحية أخرى أعلن “رفائيل لوزون” رئيس الجالية الليبية اليهودية أن قيمة التعويضات التى يطالب بها يهود ليبيا، مقابل أملاكهم التى اخرجوا منها في العهد الملكى، تصل إلى 210 مليار دولار. والقائمة طويلة، والحبل على الجرار.

– الغنيمة على مائدة اللئام

فى كتابه “كنت مفاوضا فى قضية لوكربي” وصف المستشار عزام على الديب رحمه الله موضوع التعويضات الليبية امام القضاء الامريكي: بـ (الغنيمة على مائدة اللئام) ولقد بلغت التعويضات ما يقارب ثلاثة مليار دولار، بواقع 10 ملايين لكل ضحية. وهو رقم تم الوصول اليه بفضل القتال الشرس لفريق التفاوض الليبي، برئاسة الاستاذ كامل المقهور رحمه الله. وهو نجاح ايضا فى إيقاف نزيف الخسائر التى نجمت عن فترة الحصار، والتي قدرت بحوالي 33 مليار دولار.

المرعب الان ونتيجة للفساد المستشرى فى اجهزة الدولة وغيابها، تمكن الخصوم من تحقيق انتصارات واسعة، والحصول على احكام بالتعويضات، والتنفيذ بالحجز على الأموال والأملاك الليبية فى الخارج. ويعلق الدكتور سليمان ابراهيم على ذلك بقوله:

[تثير الدعاوى المقامة من الدولة الليبية أو ضدها، مسألة أخرى تتعلق بإدارة هذه الدعاوى. وقد ألحق هذا أضراراً كبيرة بمركز الدولة الليبية في ساحات التقاضي والتحكيم المختلفة. فمحاموها لم يعودوا ملزمين فقط بإثبات صحة دعاويها، ولكن أيضاً صحة تمثيلهم لها.]

ايها السادة، هذه قضية لا تناقش على صفحات التواصل، بقصد التندر. نحن امام جريمة في حق وطن مغلوب على أمره، وطن تحول إلى غنيمة، لم يرحمه أهله. وطن يواصل نزيفه، ويتم استنزافه. الخصم فيه تحالف لفساد الابناء مع دول وشركات كبرى، وعصابات دولية منظمة، تستخدم القانون الذي لا يحمى المغفلين. جريمة تحتاج للتصدى العاجل من قبل اهل الخبرة، وليبيا لم تعقم بعد.

انسوا صراعاتكم على الفتات، وانتبهوا لما هو قادم، قبل ان يتم بيعكم وطناً وشعباً فى المزاد العلنى. وليرحمنا ويرحمكم الله من ما هو قادم.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :