- كتب / محمد عثمونة
لاعتبارات وطنية سأتناول بالحديث مدينتين اثنتين إحداهما بوسط البلاد مدينة مصراتة والأخرى بغربها وهى مدينة الزاوية الغربية . أما شرق البلاد فهو في مدنه وقراه استثناء وطني بامتياز . قد لا نختلف كثيرا إذا قلنا عنهما بأنهما الأهم فى غرب البلاد ووسطها . فكلاهما ذات كثافة سكانية عالية . ومخزون من القدرات والكفاءات مدعوم ومسنود بإرث وطني وتاريخي لا غبار عليه . ومن هنا وغيره . يعتبر أي ابتعاد أو إبعاد أحد هاتين المدينتين أو كليهما عن مسيرة الوطن . سيكون فيه خسارة ليست بالهيّنة ويصعب تعويضها على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد . ضف إلى ذلك لا تستطيع أي مقاربة موضوعية أن تتناول مدينة مصراتة وأن تتغافل عن الدور الأساسي الذي قامت به المدينة . أثناء أحداث انتفاضة الليبيين مع نهاية شتاء 2011 م . فقد كان ما قامت به يعتبر العامل الأساس في ترجيح كفة الانتفاضة في الغرب ووسط البلاد . طبعا بدون الإغفال عن المدد اللوجستي القادم والمساند من شرق البلاد . والدعم المعنوي الاستنهاضي الاستثنائي الذي قامت به منصّة ميدان ساحة محكمة بنغازي . ولكن رغم كل هذا فما قامت به مصراتة كان استثنائيا . فقد كانت حينها . شبه معّزولة عن محيطها القريب . ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك ورغم ذلك تمكنت من احتواء الهجوم . رغم الفارق فى العدّة والعتاد . ثم صده ورده ولاحقته . ومن بعد صارت المدينة محفّزا وداعما لمحيطها القريب والبعيد فى غرب البلاد . حتى انتصار الانتفاضة وفى تقديري لو لم تنحَز مصراتة إلى خندق الانتفاضة حينها . لانقسمت البلاد إلى فسطاطين اثنين . شرق في خندق الانتفاضة وغرب في الخندق المضاد . ربما المتابع حينها لمسار الانتفاضة وبعد شهور من انهيار النظام وسقوطه . لاحظ ظهور مشاعر من الإحباط والتذمر في لغة المدينة وسلوكها . نتيجة الحرب الإعلامية الموجهة والمُصوبة على المدينة . كل هذا فى كنف صمت وارتباك من طرف الانتفاضة . ومحيط المدينة القريب والبعيد بغرب البلاد . فزاد ذلك من فعالية هذا الضخ الإعلامي على المدينة . فكان حصاده بطرد مصراتة من مدينة طرابلس .عبر أحداث غرغور الشهيرة وفى تقديرى لم يكن الهدف الأساسي من هذه الحرب الإعلامية طرد مصراتة من مدينة طرابلس . بل سيكون ذلك تحصيل حاصل . بل كان يراد من هذا الضخ على المدينة أن ينتهي إلى تحّميل المدينة وعلى نحو غير مباشر . كل أوزار وأثقال انتفاضة كل الليبيين . انتفاضة 2011 م . لماذا ؟ . من هنا – وفي تقديري أيضا – وجدت مصراتة نفسها في خندقٍ موازٍ لخندق الانتفاضة . وانتهى بها هذا إلى خيار صعب . وجدت فيه نفسها تتقاسم ذات الخندق مع مليشيات طرابلس . بل وتدافع عن وجودها من خلاله . هذا ما أردت قوله وباختصار شديد لأتكئ عليه لأقول وبدافع وطني بأن مصراتة ذات كثافة سكانية عالية معزز بمخزون من الكفاءات والقدرات . ضف إلى ذلك . ومن خلال أحداث الانتفاضة . انحازت المدينة إلى الانتفاضة وبفعالية عالية . رجحت كفت الانتفاضة في غرب البلاد ووسطها . ووقفت حال في وجه انقسام البلاد إلى شرق غرب . فهذا الجسم لا يجب التفريط فيه . لمن يريد أن يؤسس لدولة متينة . قد تكون تداعت الأقدار . أو من خلق وهيأ الظروف لأمر في نفسه . فوجدت مصراتة نفسها في مكان فٌرض عليها . فوظّفته لتدافع عن وجودها من خلاله . وقد يكون المكان وظّفها ليدافع عن وجوده من خلالها . فلا يجب – في تقديري – ترك الأمر على حاله . ففي ذلك ضرر كبير على الوطن . بل يجب على من يتصدرون المشهد بشرق البلاد . فتح قناة تواصل مع المدينة . ومساعدتها على إعادة تموّضعها . ففي ذلك خدمة لليبيا أولا ولمصراتة وللجميع أخيرا . الجنوب الليبي 11- 5 – 2019 م . البانوسي بن عثمان