مامدى مسؤولية الدولة الليبية من تعويض متضرري الحروب بالآونة الأخيرة؟

مامدى مسؤولية الدولة الليبية من تعويض متضرري الحروب بالآونة الأخيرة؟

المحامية مروة البوزيدي

يشكل الإنسان القاعدة الأساسية في تاريخ البشرية إذ يعد هو محل هذه الحياة ومضمونها المجدد ومهما تطورت الحضارة الإنسانية ورسمت قواعد قانونية لحماية تلك الشخصية فإنها تبقى قاصرة على إدراك مايحيط بها من أسباب الحياة إلا الله عز وجل.. ولمحاولة توفير الحماية الوضعية لتلك الحياة من خلال سن القوانين العقابية ثم أفردت الضمانات الكافية للضحايا من خلال تعويضهم عن الأضرار التي أصابتهم جراء أخطاء الدولة وتابعيها في مجال حفظ الأمن سواء كانت هذه الأخطاء شخصية أو مرفقية..

واستنادا إلى أحكام القانون الليبي والمتضمن كفالة الدولة لحق الفرد في الحياة الآمنة وكذلك تتكفل الدولة بالرعاية الصحية والعلاجية لكافة أفراد المجتمع وكما تؤمن الدولة لكل فرد حق العيش الكريم.. كما نعلم أن القانون يقصد بأساس المسؤولية السبب الذي من أجله يضع القانون عبء تعويض الضرر الحاصل على عاتق شخص معين فأساس مسؤولية الدولة المدنية من جرائم الحروب يقصد بها إذن السبب الذي من أجله يضع القانون عبء تعويض الضرر عن تلك الجرائم على شخص الدولة لأنها الشخص المعنوي الموكل إليها واجب حفظ الأمن والنظام داخل البلد وأن اجتهاد المحكمة العليا السابق وماخوله لها قانونها من صلاحية وضع المبادئ الملزمة في حالتي الفراغ التشريعي أو الغموض التشريعي كفيل بسد الفراغ المزعوم فإذا كان المبدأ هو قيام المسؤولية المدنية على الخطأ واجب الإثبات مادة 166 مدني فإن من صور المسؤولية مايقوم على خطأ مفترض من ذلك مايهمنا هنا مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه مادة 177 مدني. ومن المشاركين في الحرب من هو تابع للدولة حقيقة أو حكما وهو شأن مايسمى القوات المساندة ومجموعات الثوار وهي مسألة لم لها الحكم!

وعلى افتراض أن المادة 168 المتعلقة بدفع المسؤولية لوجود سبب أجنبي مثل القوة القاهرة أو فعل الغير غير المشروع سيتطبق كما قالت المحكمة وهو مايحتاج إلى تدقيق الوقائع كما عرضت أمام محكمة الموضوع ولايتوفر في حكم المحكمة العليا مايساعد على ذلك كما أن البحث عن أساس لتأجيل الدعوى هنا لايجب أن يقف عند التشريع الداخلي، بل يجب أن يشمل الاتفاقيات التي صادقت عليها ليبيا بالنظر على أن عدد من تلك الاتفاقيات تحمي حق الملكية وتقرر حق الأمن وبالتالي فإن التعويض ليس طلبا عاريا عن كل أساس.. وكما نجد أن السلطة التشريعية يصفها القانون رقم 29 لسنة 2013 الذي حل محل القانون رقم 17 لسنة 2012 بشأن العدالة الانتقالية أقر بمسؤولية الدولة من حيث المبدأ عن تعويض الضحايا والمضرورين.

وتعقيبا على الطعن رقم 64/254 الصادر من المحكمة العليا الليبية في إحدى دوائرها بالنظر في الدعوى المرفوعة من قبل أحد أصحاب الشركات المتضرر من أحداث الحروب بأن المحاكم الليبية تنفي مسؤوليتها بالتعويض على الأضرار التي خلفتها الحروب ،ولكن يبدو أن للمحكمة وفق الحكم الصادر باعتبار على الوقائع وليس المبادئ فإن للدولة الخيار في دفع تعويضات للمتضررين من الحروب أو غض الطرف عنها وأعتقد بأن مسألة التعويضات أمر مهم للغاية بالنسبة للمواطنين المتضررين لكن مع ضرورة سلوك طرق أكثر فاعلية ويمكن من خلالها تحقيق نوع من التوازن بفاعلية دون أي فساد وأفضل الطرق التي تسلكها الدولة لتعويض المتضررين في أقصر وقت ممكن أن تسلك تطبيق قانون العدالة الانتقالية ولتحقيق تعويض عادل لجميع من تضرر بسبب الفوضى والحروب ويمكن قانون العدالة من إنشاء صندوق جبر للضرر أو التعويض ويتفق الكثيرون على أنه لايوجد طريق يمكن للدولة من الخروج من هذا الملف المعقد سوى تطبيق قانون العدالة الانتقالية تمهد لمصلحة شاملة وتؤسس لبناء الدولة المنشودة.. ونرى أن المحكمة لم تطلع على المصدر الخامس من مصادر الالتزام الواردة في القانون المدني والذي نصت عليه المادة 201 وحيث أن تعويض المتضررين من الحروب والاشتباكات قد اعترفت لهم الدولة بأحقيتهم من التعويض بموجب قانون خاص وهو القانون رقم 29 لسنة 2013 بشأن العدالة الانتقالية الذي نصت المادة الرابعة فيه ((يهدف هذا القانون إلى مايلي : 2. الحفاظ على السلم الأهلي وترسيخه 3.المحاسبة على انتهاك حقوق الإنسان التي ارتكبت تحت غطاء الدولة أو إحدى مؤسساتها أو الأفراد الذين يتصرفون بالاستمداد منها. 5.تحديد مسؤوليات أجهزة الدولة. 8. جبر الضرر الواقع بالضحايا والمتضررين نتيجة الوقائع التي يشملها مفهوم العدالة الانتقالية وفق هذا القانون وتعويضهم عن الأضرار التي تكون الدولة مسؤولة بالتعويض عنها. فضلا على مانصت عليه المادة الأولى من نفس القانون التي نصت على جبررالضرر والتعويض عن الأخطاء التي تكون الدولة مسؤولة بالتعويض عنها.. ويسري تطبيق هذا القانون من صدور دستور دائم للبلاد..

والجدير بالذكر أن الاتفاق السياسي نص في فقرتة ال 27 من المبادئ الحاكمة على الالتزام الكامل لمعالجة الأوضاع الإنسانية للمهجرين والنازحين وتشمل عودتهم التطوعية لمناطقهم بأسرع وقت ممكن بكرامة وأمان، والعهد بحمايتهم والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم مع مراعاة الأعباء المالية للدولة الليبية.. كما وسبق للمحكمة العليا أن أقرت بمسؤولية الجهات العامة عن أفعالها المادية حيث ورد بالطعن رقم 37/189 ق ((أنه إذا كانت مسؤولية الجهات الإدارية عن الأعمال المادية يمكن أن تنسب وفقا لمفاهيم القانون المدني إلى المصدر الثالث من مصادر الالتزام وهو العمل غير المشروع فإن مسؤوليتها عن التصرفات القانونية وهي ليست أعمالا مادية إنما تنسب إلى المصدر الخامس وهو القانون. ولما كان ذلك وحيث أن جميع الاشتباكات والمعارك التي حدثت وتحدث الدولة طرف فيها بشكل أو بآخر وهي بذلك تتصرف طبقا للقانون الذي يجيز لها استعمال السلاح كما أن جميع التشكيلات المسلحة هي تابعة للدولة وقد أقرت الدولة صراحة بأن جميع التشكيلات المسلحة في كافة المناطق تتبع لرئاسة الأركان حيث ورد بقرار المؤتمر الوطني العام رقم 87 لسنة 2013 بشأن تنفيذ قراري المؤتمر رقم 27و53 لسنة 2013.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :