محال بيع الخردة سبب أساسي في تخريب وسرقة المؤسسات العامة !

محال بيع الخردة سبب أساسي في تخريب وسرقة المؤسسات العامة !

حوار :: سلمى عبد الله :: تصوير :: زهرة موسى 

يلوح في خاطر المواطنين في  كثير من الأحيان قول العرب : مصائب قوم عند قوم فوائدفكم من المستفيدين في ظل الحروب و المناوشات التي تغدو كل مرة ستاراً لانتهاك الممتلكات العامة  فتتحول هذه الممتلكات بقدرة قادر إلىملكية خاصةأو  بضاعة  بخسة الثمن ومرغوبة في محال الخردة المنتشرة في مدينة سبها ،وحول هذه الظاهرة  و عديد المشاكل أجرت  فسانيا هذا الحوار مع السيد سالم عبد السلام “” مدير شركة المياه والصرف الصحي سبها ”  الذي نوه عن هذه الظاهرة بقوله : 

 “تعد محال الخردة في مدينة سبها سبباً أساسياً ً  بشكل أو آخر  في اتجاه المجرمين والعصابات إلى تخريب وسرقة المؤسسات العامة ، التي تتحول مسروقاتها   من معدات وأجهزة و أثاث مستعمل لبضاعة تباع داخل هذه المحلات . وبذلك تقوم العصابات بدور الممول لتجار الخردة بعد نهب المؤسسات العامة مجاناً و من ثم بيعها بثمن زهيد لا يعوض الثمن الحقيقي لتلك الأجهزة  .

  • بعد هذا التنويه الافتتاحي انتقلنا لصلب الحوار مع السيد  سالم عبدالسلام  حول مشكلة نقص المياه التي تؤرق المواطنين بالرغم من  وجود 80 بئرا في مدينة سبها.

60 % من مياه الشرب تتسرب للتربة كفاقد بسبب تهالك الشبكة بسبها

 

فلماذا تظل هذه المشكلة قائمة حالياً في ظل توفر هذا العدد من  آبار المياه  ؟

أجاب ” سالم عبد السلام ” مدير شركة المياه والصرف الصحي /سبها ” : إن أزمة نقص المياه تحدث لعدة أسباب : فمدينة سبها تعاني في فصل الصيف من انقطاع التيار الكهربائي وتذبذبه ؛ مما يؤثر سلباً على أداء المضخات التي لاتعمل بشكل جيد مما يتسبب في إفراغ الشبكة الرئيسية من المياه نهائياً .

و بالرغم من وجود 80 بئرا في مدينة سبها  إلا أن بعض آبار المياه متوقفة عن العمل نتيجة احتراق المضخات، في حين قد تكفي  40بئراً لتغطية احتياج المدينة من المياه لو كانت تعمل بكفاءة ، وذلك يتطلب وجود تيار كهربائي ثابت ومتواصل يضخ الماء إلى الخزانات العلوية التي بدورها تغذي شبكات المدينة  بانتظام . و من المهم أيضاً أن توجد شبكة مياه حديثة من نوع ” بو لتلين ” .

نحن كشركة مياه على مستوى الدولة الليبية اختصاصنا هو التشغيل  شبكات المياه وصيانتها فقط 

 

كم يبلغ عمر شبكة المياه الموجودة بمدينة سبها ؟

-إن الشبكة الحالية أنشئت منذ أكثر من 30 عاما ،  والعمر الافتراضي “للدكتايل ” الشبكة قد انتهى ،  فمن المفترض أن يتم تغيير هذه الشبكة كل 25 عاماً وحالياً أصبحت شبكة  المياه مجهدة جداً ، فما يقارب 60% من المياه تتسرب للتربة كفاقد بسبب تهالك الشبكة وما يصل فعلياً للمدينة هو 40% فقط .

و أضاف موضحاً  ”  إن عدد الآبار في المدينة يصل إلى 80 بئراً وقد قامت شركة المياه في عام 2010 بتوزيع 7 مولدات على الآبار ، وتولينا عملية الإشراف على تركيبها وتشغيلها ، كما وفر المجلس البلدي 5 مولدات إضافية وقمت شخصياً بتوزيعها على الدائري الثاني للمدينة لتصبح بمثابة الخزان الذي سيغذي المنطقة بالكامل ” فالبئر الأول وضعناه بمقر الخدمة الإجتماعية الواقع بحي الثانوية ،” والثاني ” في منطقة المهدية بمسجد نور القرآن “، والثالث ” في  خزان الجديد ، أما ” الرابع ” في منطقة المنشية بمدرسة على بن أبي طالب ” والخامس في ” منطقة القرضة بمسجد زيد بن الثابت” ، ولكن  لم تكن 12 مولداً كافية لتغطية احتياج المدينة من المياه .

تم التعاقد مع  شركة فلايت لتقوم بعملية الصيانة التي ستكلف 96,000 د.ل

 

ورداً على استفسارنا عن  لماذا لم تخضع شبكة المياه لأي عمليات تجديد أو صيانة أفادنا السيد سالم عبدالسلام  بالتالي:

” نحن كشركة المياه على مستوى الدولة الليبية اختصاصنا هو تشغيل  شبكات المياه وصيانتها فقط، و أما بالنسبة للمشاريع المختصة بهذا الشأن  داخل البلديات كتجديد شبكات المياه والصرف الصحي أو المحطات يعتبر من اختصاص” جهاز المرافق “، والدولة  تقوم بدعم وتقديم الميزانيات  لجهاز المرافق الذي سيقوم بدوره بتحديد المشاريع  و التعاقد  عليها و إنجازها ، أما نحن فنستلم تلك المشاريع و الصيانات وننفذها و نشرف على تشغيلها .

شبكات متهالكة و شبح الصيانة في مدينة سبها..

استرسل السيد سالم عبد السلام/ مسؤول المياه و الصرف الصحي بسبها في الحديث  قائلاً :

” لقد تعاقدت شركة الإسكان و المرافق و المجلس البلدي /سبها  في عام 2005 مع شركة أجنبية لتغيير شبكات المياه  وشبكات الصرف الصحي و صيانة محطاتها داخل مدينة سبها بالكامل ،  وكان من المفترض أن يتم تنفيذ هذا المشروع خلال عام 2007 ، ولكن نتيجة  للعراقيل التي واجهت المشروع في ذلك الوقت من مركزية  و تفجر  الأحداث  في ليبيا عام 2011  توقفت هذه المشاريع بالكامل  نتيجة رحيل الشركات المتعاقد معها ، وبالرغم من أن بعض هذه الشركات حاول العودة في عام  2014  إلا أن الفوضى والوضع الأمني  السيء أدى  لرحيل الشركات مجدداً تاركةً خلفها أنقاض مشاريع  لم تنجز حتى الآن .

محال الخردة سببا أساسياً  في اتجاه المجرمين والعصابات إلى تخريب وسرقة المؤسسات العامة

 

بين الحين و الآخر تفيض مخلفات الصرف الصحي خاصةً  في منطقةدائري الجديدمكونةً بركا ملوثة ،  فما السبب في ذلك ؟

”  المشكلة الأساسية التي تعاني منها منطقة الجديد هي ” محطة الجديد للصرف الصحي  ” ففي السابق كانت هذه المحطة تعمل بأربع مضخات أساسية بقوة 45 كيلو وات ، بدأت هذه المشكلة منذ العام 2012  حيث كانت السيارات المعبأة بمياه الصرف  الصحي من أحياء ” شارع 40 ، و85 ، و80 ” تقوم بتفريغ حمولتها الملوثة  داخل  المحطة ، فهذه المناطق المذكورة  توجد بها آبار سوداء غير مطابقة  للمواصفات القياسية ،  ولهذا يضطر سكانها لتفريغ تلك المياه الملوثة  والمحملة بكميات كبيرة من الأتربة في محطة الجديد باعتبارها أقرب محطة صرف صحي إليهم ، وتسببت المياه الملوثة بالأتربة في توقف المضخات ، و قد تم نقل تلك المضخات المعطوبة للصيانة في مدينة طرابلس منذ 2015  و ظلت هناك  حتى اليوم .

عصابات مسلحة تسيطر على محطة المعالجة الآن، و قد ذهبت محاولتنا استرجاعها أدراج الرياح

و عن الحلول المؤقتة التي اتبعتها شركة الصرف الصحي لحل مشكلة فيضان المجاري بحي الجديد ريثما تتم صيانة المضخات يقول  السيد سالم عبد السلام : تتطلب المحطة مضخات ذات مواصفات محددة ،ومتى لم تتوفر تلك المضخات نقوم بإنزال مضخات صرف صحي في الخزان مباشرة وهذا يسمى ” بنظام مضيفكه ” ويفترض أن يتم سحب المياه من تحت ذلك الخزان  فيكون معدل المياه ( 0 %) .

حيث يمكنك مشاهدة مجرى الماء . ولكن نتيجة أننا قمنا بوضع المضخات فوق المجرى ترتب على ذلك غمر متر من المساحة بالماء والمتر اﻵخر هو الذي يفيض في دائري الجديد ، وتحسباً لهذا قمنا بتركيب محرك الطوارئ لسحب المياه من دائري الجديد إلى محطة  ” حي عبد الكافي ” ، وحالياً نحافظ على هذا الوضع .

وأحياناً قد تعلق بالمحرك  بعض الشوائب كالأكياس و والأوساخ ، فيتطلب عملية تنظيف تستغرق ساعة فقط  ليعود للعمل من جديد .

منذ عامين و المضخات في الصيانة وهذه فترة  طويلة جداً ، فهل قمتم  بمخاطبة الجهات المعنية لحل هذه الإشكالية ؟

رداً على هذا السؤال يذكر محاورنا “أن المشكلة لا يمكن أن تنتهي تماماً ما  لم تتوفر المضخات الأربعة  لتشغيل محطات الصرف الصحي في المدينة ، ولهذا تبنى المجلس البلدي سبها  صيانة عدد اثنين من المضخات ، كما تم التعاقد مع  شركة فلايت لتقوم بعملية الصيانة التي ستكلف 96. 000 د.ل ، ولازالت شركة المياه و الصرف الصحي بانتظار توريد 4 مضخات جديدة  في الفترة القادمة ، و عند استلام تلك المضخات ستنتهي مشكلة فيضان برك مياه الصرف الصحي في شوارع  سبها نهائياً” .

مياه مالحة في قلب الصحراء

” إن ملوحة المياه أو عذوبتها تتعلق بطبقات الأرض ومنطقتها الجغرافية  ، و منطقة  حوض مرزق تعتبر ذات مياه عذبة ، أما  مدينة سبها فتقع جغراقياً  على أطراف أو نهاية الحوض ، لذا فعادةً ما تكون هذه المياه في هذه المنطقة مالحة ، و نتيجةً  لوجود كم كبير من الآبار داخل المدينة فإن مياه الآبار تختلط مع بعضها البعض في جوف الأرض .

تشرف الهيئة العامة للمياه و لجنة المرافق على  إنجاز الآبار،  وبعد تنفيذ عملية  الحفر ، يقوم المقاول بتسليم البئر إلى ”  لجنة المرافق” أو “المجلس البلدي”  ومن ثم نستلم نحن شركة المياه ملف البئر ونقوم بتشغيله .

أما تحديد نوع مياه البئر من حيث كونها مالحة أو عذبة فهذا من اختصاصات الهيئة .

و أفادنا  السيد سالم عبد السلام حول آبار المدينة قائلاً  : إن  الأعمار اﻻفتراضية لهذه الآبار من 10 إلى 15 عاماً . أما نوع الآبار في مدينة سبها  فهي ” آبار خباطة ” وعادةً ماتكون مواصفاتها  أقل من الآبار الرحوية” .

وهذا ما أفادنا به  محاورنا السيد سالم عبد السلام  عن الآبار المحفورة في المدينة.

 عدد الآبار في المدينة يصل إلى 80 بئراً

و بخصوص ما يشاع بأن  مياه الشرب في بعض الأحياء اختلطت بمياه الصرف الصحي والشكاوى  الموجهة  للشركة بهذا الشأن  يرد مدير شركة المياه و الصرف الصحي :

” عادة تصلنا شكاوى باختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب  من المواطنين الذين قد يساهمون بلادراية بحدوث هذه المشكلة !

فأحيانا بمجرد انسداد خط  المياه لايتم إبلاغ الشركة عن الخلل ، بل يستخدم المواطنون المضخات لسحب الماء إجبارياً من الشبكة ، وخاصةً ًفي المناطق المتواجد بها تربة حيث الأرض تتشبع بمياه الصرف الصحي  ،  ونتيجة لعدم وجود مياه في الخط باستمرار تنتقل رائحة الصرف الصحي إلى خزانات مياه الشرب ، فيعتبر المواطنون بأن مياه الشرب قد اختلطت بمياه الصرف الصحي ، ولكننا عادةً ما نقوم بفحص خطوط وشبكات  المياه فور وصول  الشكاوى للبحث عن موضوع اﻻنسداد و معالجة المشكلة قبل أن تتفاقم .

سائل الحياة  المستنزف

  من الملاحظ عند مرورك بأي حي من الأحياء  بسبها  انتشار برك  المياه في الشوارع جراء انسكاب المياه من خزانات المواطنين الممتلئة ، وفي فصل الصيف يشتكي ذات المواطنين من نقص الماء !

المشكلة  أن المواطن لايعي أنه من تسبب بهذه الظاهرة :  فإذا حافظ على الماء في فصل الشتاء لتوفرت المياه في فصل الصيف ولم يشتكي من نقصها.

ويضاف لما سبق تزايد استهلاك  كميات الماء من قبل المواطنين  ، فمثلاً  تضاعفت كمية المياه التي تدخل لخزان منطقة  “المهدية” نتيجة الاستهلاك الكبير من قبل المواطنين بهذه المنطقة

و يستطرد موضحاً  :  في الثمانينات قد كانت محطة المياه مصممة لاستهلاك 40.000 متر مكعب في اليوم ولكن الآن  مع تزايد عدد السكان والتوسع العمراني زاد الاستهلاك اليومي لأضعاف ما كان عليه في السابق .  –

 في الختام ، ماهي أهم المشكلات والعراقيل التي تواجهكم خلال أداء أعمالكم ؟

–  ” إن أكبر المشكلات التي نعاني منها هي الانفلات الأمني ، والفوضى الناتجة عنه داخل مدينة سبها  ، مما عرضنا  للسرقات مراراً منذ العام  2011  .

لقد شملت قائمة المسروقات من الشركة حتى الآن  :  4 سيارات ” خزان مياه  “، وحدة صيانة وتسليك ، 2 خزانات صرف صحي”، وبعد السرقة خاصة السيارات يقومون ببيعها  ، إضافة ً للاعتداء على مقر الشركة ونهب معداتها بالكامل .

فيما سبق كان لدى الشركة  4  سيارات تعمل على الصيانة”  اثنتان منها في المنطقة الشرقية للمدينة و اثنتان في المنطقة الغربية ”  ،  أما حالياً  فلايوجد إلا سيارتين تعملان على الصيانة في  منطقتي المدينة ، زد على ذلك الاستيلاء على المخازن الرئيسية في المنطقة الجنوبية ، و لم تنجو من النهب حتى محطة المعالجة “التي من مهامها تنقية المياه ” :

حيث تستقبل محطة معالجة المياه  من شبكات الصرف الصحي لكامل  المدينة و تقوم  بفرز المادة العضوية عن المياه ، و تنقيتها ، ثم ترسلها إلى خزان التجميع في منطقة براك الشاطئ لتضخ  المياه المعالجة بعد ذلك  للبحيرة رقم واحد .

للأسف  تسيطر عصابات مسلحة على محطة المعالجة الآن، و قد ذهبت محاولات استرجاعها أدراج الرياح  رغم ماقمنا به من مخاطبة الجهات الأمنية والبلدية والأعيان ومشائخ القبائل . لقد قامت تلك العصابات بتفريغ المحطة بالكامل من مضخاتها وكوابلها  ،  ولم تسلم  من السطو المنظومة الأولى  التي قامت الشركة الألمانية بتوسعتها  ضمن مشاريع  2005. فقط منظومة التشغيل الحالية والوحيدة  نجت من  أيادي المخربين.

نهاب “رزق الحكومة” و تجار الخردة

كرر السيد سالم عبد السلام /مسؤول شركة المياه و الصرف الصحي  تأكيده على ما استهل به حواره مع فسانيا عن أن ” تجارة الخردة هي الدافع  الأساسي وراء عمليات تخريب و سرقة القطاع العام  التي ينتهجها المجرمون والعصابات .

ولذلك يجب مراقبة و إيقاف  عمل محال الخردة ؛لأن الأمر لم يتوقف عند نهب المؤسسات العامة  بل بات اللصوص يسرقون المضخات المنزلية الصغيرة  من بيوت و أملاك المواطنين ويبيعونها لمحال الخردة ، و قد  ضبطنا سابقاً بالجرم المشهود بعض  أفراد العصابات وهم  يبيعون إحدى مضخات الصرف الصحي لمحل الخردة وتم توثيق ذلك وتصويره ، وكمؤسسة نقوم  عادةً بتقديم بلاغات  عن كل جرائم السرقة لتوثيق الحادثة  و التصدي لها.

وختم  السيد سالم عبد السلام حواره مع فسانياً بتصريحه :  “

لقد استلمت شركة المياه والصرف الصحي عدد خمس مضخات للصرف الصحي في الأيام الماضية ، حيث تم توريدها بالتعاون من المبادرة الانتقالية والمجلس البلدي سبها ، وتم تركيبها خلال الأيام الماضية بالمحطة الرئيسية بمنطقة المهدية .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :