معاني

معاني

  • أ / عمر رمضان

هل نقول مافينا ومانعنيه حقا قد لانفعل ذلك فلقد يكون الذي فينا شيئا من بقايا “طفولة” نكتفي بمداعبته ومعانقته واللاستمتاع به في سرائرنا ثم لا نقول منه شيئا فليس كل ما في النفس يقال ,, وربما كان هذا الذي فينا شيئا لايعني أحدا غيرنا فهو من “خصوصياتنا” وطرحه على الناس يشبه “نشر الغسيل” فلامعنى لنشره و”ستر الله باقي” و”خلي التبن امغطي شعيره” وربما كان هذا الذي يتأجج فينا أقوى من قدراتنا التعبيرية فنحن ندور حوله وندور به ثم لايكون حظنا في التعبير عنه إلا كمن يحاول القبض على الهواء بكفيه فلاهو يرتاح ولاهو يتمكن من “القبض على الهواء” ولأسباب كثيرة ومختلفة فــ نحن لانقول ماهو فينا ونحن مهما كتبتنا ومهما قلنا فـ لن نتمكن من التعبير عن كل مافينا فــ الذي فينا يتجدد ويتعدد بتجدد وتعدد أنفاسنا لأنه حياتنا وحياتنا لاتنتهي إلا بانتهء أنفاسنا فالتعبير عنها لاينتهي ولايتوقف ولا أحد فينا يتمكن من التعبير عن كل مافيه لأن مافيه حياة تتجدد وتتعدد فـ لنترك هذا فهو أمر لانكاد نختلف عليه رغم كثرة خلافاتنا التي لامبرر لها في كل شيء يجيء عرضا في كلامنا اليومي ولكن “الاختلاف” أمر ربما كان استمرار الحديث واستمرار الحياة يقتضيه حتى لانموت أو نصمت ولكن هل نحن نعني مانقوله ؟؟ أعني هل ما نقوله ممتلء بنا ويمثل فهمنا وقرارنا حقا ؟ هل ما نقوله هو نحن بما فينا أم هو “كلام” ينطح كلاما فإذا فتشناه لم نجد فيه قائله ولم نجد فيه زمن قائله لم نجد فيه حياة قائله فــ هو في حقيقته لا يعبر عن صاحبه أو هو في حقيقته كلام لاقائل له هل تمثلنا كلماتنا التي نقولها في كل جلساتنا ولقاءاتنا وحتى كتباتنا ؟؟ فنحن نحب “ليبيا” .. أعني أننا جميعا وبكل تعدداتنا وتمدداتنا نكرر / جميعا/ أننا نحب “ليبيا” .. ولكن هل مانفعله / جميعا/ يقول إننا نحب ليبيا ونحن نتقاذفها بيننا كـــ الكرة .. عفوا لا ليس كـ الكرة فالكرة يتقاذفها اللاعبون بأقدامهم وفقا لــ قانون ولوائح وهم يتقاذفونها بــ “روح رياضية” ليس فيهم أحد يكره الآخر وهم لايتقاذفونها لـ مجرد “التقاذف” ولكنهم يتقاذفونها لتكون حية وحياة فهي إذا استقرت مكانها صارت مجرد هواء مضغوط وميت ليس فيها من معناها شيء فــ أما ليبيا التي نتقاذفها بيننا وبأقدامنا فهي ليست مخلوقة للتقاذف بالأقدام وليست مخلوقة للقذف والاتهام وإنما هي مخلوقة للحياة والاستقرار والأمن والأمان والنمو والعمار ومع ذلك فنحن جميعا نتقاذفها بيننا في مباراة لاتنتهي ولاتخضع لقانون نحب ليبيا .. هذه كلمة نقرأها ونكتبها ونقولها جميعا ثم لاتكون ليبيا عندنا إلا مجرد كرة نتقاذفها وكل واحد منا يريد أن “يسجل بها هدفا” لصالحه هو فهو “يركل ليبيا “التي يحبها بقدميه لكي يظفر بالتصفيق والإعجاب و”يسجل هدف الفوز ” له هو ليفوز على الآخرين جميعا و”الآخرون” جميعا هم إخوته وهم كلهم يحاولون لو وجدوا أن يسجلوا هدفا بـــ ليبيا هذه يركلونها بالأقدام في “مرمى الآخرين” يسجلون بها فوزهم و”نحبوا ليبيا” هذه / على روعتها / هي مجرد كلمة نتقاذفها بيننا ليسجل بها كل منا “هدفا شخصيا” له هو وليغنم التصفيق والنجومية والمال وتلك هي ترجمة ” نحب ليبيا ” عندنا حتى ولو لم نقصدذلك ونحن نتشدق بــ قبولنا للرأي الآخر وحرية التعبير نعم ونحن نتغنى بذلك في جلساتنا ويتغنى به “المحللون السياسيون” عبر القنوات ويتغنى به الساسة والسادة والنخب ولكن تأملوا حولكم كم صاحب هجر وقاطع صاحبه نهائيا بل وقاطع / من باب التبعية / كل أقارب وأصحاب صاحبه هذا لالشيء إلا لـ مجرد اختلاف في الرأي والرؤية نحن نتغنى بــ قبول الاختلاف وحرية التعبير ولكننا في الحقيقة المرة لم نتعود قبول الاختلاف لأن قبول الاختلاف هو “ثقافة” وهو “تعود” وهو سلوك نتلقاه في مرحلة “اللاوعي” في عمر الطفولة ونحن في الطفولة تربينا تربية نلغي فيها الآخر إلغاء كاملا فــ الأم الطيبة الحنونة تناولنا شيئا طيبا وهي تهمس لنا ــــــ كوله .. غير ماتخلي حد من خوتك يشوفك والأب في لحظة اندفاع فارغة يهمس لنا بــ تفضيلنا على بقية إخوتنا وأخواتنا فهو يثبتنا نحن ويلغيهم هم وتلك “ثقافة” اللاوعي التي تملي علينا سلوكنا وقراراتنا حتى ولو لم نشعربها فهي مبرر كل تصرفاتنا التي تخالف مخالفة تامة كل مانتغنى به من شعارات فارغة من معناها وفارغة من قائلها وهي ليست إلا مجرد “كلام يتناطح” و.. بس نحن لانريد صديقا له رأيه ورؤيته التي تمثله هو وإنما نحن نريد “تابعا” كل ما فيه يمثلنا نحن ويلغيه هو ونحن لانريد مجتمعا تتناغم الآراء فيه تشكل “سمفونية” فيها كل الأصوات وكل الآلات ولكنها ليست ” آلة واحدة” وليست “نغمة” واحدة نكررها نريد ” أبجدية كاملة فيها كل الحروف التي لايشبه بعضها بعضا فلكل حرف صوته وشكله ومذاقه ولكنها على اختلافها ــــ اوهي لاختلافها ــــ هي كلامنا الذي نتذوقه حديثا وكتابة وإبداعا عاليا ولو قررنا / في لحظة صدق مع أنفسنا/ أن تكون لنا أبجدية “تعبر ” عنا وعن فهمنا وعن حياتنا فــ إن أبجديتنا التي تمثلنا حقا هي أبجدية من “حرف ” واحد ليس غير فــ هل تكون أبجدية الحرف الواحد والصوت الواحد لغة ؟؟ اختلاف الأبجدية جعلها لغة حية وأهلها أحياء بها واختلاف الآراء يجعلها ثقافة فيها كل الألوان واختلاف الرأي بيننا وبين من هم معنا يجعل في الحياة صداقة ومعرفة وجيرة ونسبا ومعرفة عابرة ويجعل للوطن معنى فينا وفي نفسه فلامعنى للوطن إن كان لونا واحدا ورأيا واحدا ومدينة واحدة نكررها بلا تغيير ولااختلاف ولاتجديد ولامعنى للحياة إن كانت تعابيرنا فارغة منا وفارغة من دلالتها الأصلية فـــ الحب لامعنى له إلا أنه المستحيل الممكن والواضح الغامض والرضا والسخط والهجر والوصل واللقاء والفراق والراحة والقلق ولو خلا الحب من تناقضاته الصارخة لــ خلا من معانيه العالية والحياة حب فـــ لاتقولبوها قوالب جامدة محنطة والحب حياة فــ لاتكتموا أنفاس حياتكم فــ الأنفاس فينا هي قمة الاختلاف بين “الشهيق” والزفير” ولو اتفق الزفير والشهيق لـ كانت النهاية والموت فـــ سبحان من جعل أنفاسنا فينا مثلا للاختلاف الحي الفاعل لو كنا نعلم أو نتأمل وسبحان من يقول لنا ” وفي أنفسكم .. أفلا تبصرون” ؟ نعم .. أنفاسنا هي الاختلاف وخطواتنا هي الاختلاف فنحن لاتتقدم فينا قدم حتى تتأخر الأخرى كي يتم التوازن بين الرجعية والتقدمية فينا ووظائف أعضائنا فينا هي قمة الاختلاف الحي الذي يصنع الحياة ولو اتفقت وتماثلت لــ كانت النهاية التي لاشك فيها

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :