عثمونة.. غلطة الشاطر

عثمونة.. غلطة الشاطر

  • أ :: عمر عبدالدئم

صديقي ابراهيم عثمونة، كاتب مميز ، مثير للجدل بما يتناوله من مواضيع يصيغها بطريقة يراها البعض جريئة ويراها آخرون صدامية حد الاستفزاز .. ولكنّ معظمهم يُجمعون في نهاية الأمر على أنّ قلمَ عثمونة وفكره مختلف و له تميزه.. وبحكم ما بيننا من صداقة آثرتُ دائماً أن أجادله وجهاً لوجه أو على الأقل من خلال المكالمات بعيداً عن تعليقات الفيسبوك، وبالطبع فإن كل مجادلاتنا لم ولن تفسد للود قضية بيننا. اليوم اخترت الكتابة لأعبّر بها عن رأيي فيما تناوله ابراهيم عثمونة في منشوره الأخير والذي كتبه احتفاءً بصديقه وصهره الذي زاره بمناسبة عيد الفطر ، هذا الصديق البارع في صيد الغزلان ببندقيته.. وأحب أن أؤكد هنا أن نقدي ينصبّ على الأفكار وليس على الأشخاص وأنّ المعنى ينبغي أن يُفهم على هذا الأساس. أعتقد أن عثمونة أخطأ في منشوره على المستويين الشكلي والموضوعي.. أما على المستوى الشكلي فقد أخطأ عثمونة بتمجيده لقتل أجمل المخلوقات و أكثرها رقة و وداعة و براءة .. لعله المخلوق الوحيد الذي لم يضر مخلوقاً آخر لا بقرونه ولا بمخالبه ولا بسُمِّه.

وهو (عثمونة) بهذا الفعل ينتصر للجلاد على الضحية ويختار أن يكون في صفّ القوة والنار والقتل بدل أن يصطف مع الجمال والحرية وإنها لعمري لسقطة قِيميّة كبيرة ما كان لكاتب ان يُلمّح بها تلميحاً فما بالك بالتصريح. إن المثقف ينبغي له ان ينحاز للقيم العليا قيم الخير والسلام والعدالة ونصرة الضعيف هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ينبغي ان يكون مدافعاً بشراسة عن بيئته وما يطالها من انتهاكات ولا شكّ ان حماية الحياة البرية المهدّدة بالانقراض في صحرائنا الفقيرة هي أولى الخطوات في هذا المجال. وهنا يتداعى لي موقف طريف اذكر ان المرحوم عبدالسلام الكاسح (خالي) قد حكاه لي ذات سفر. قال؛ في بداية السبعينيات تاهت مجموعة من الفرنسيين بعد ان هبطت طائرتهم الصغيرة اضطرارياً في الصحراء الليبية الجنوبية، وبعد أن تمكنت السلطات من رصد موقعهم ارسل لهم السيد الريفي علي الشريف (محافظ سبها) رتلاً من سيارات اللاندروفر (وكان الكاسح صحفيّاً من ضمن ذلك الرتل) ..قال؛ وفي الطريق لمنطقة واو الناموس قمنا من خلال افراد ذلك الرتل من المسلحين باصطياد بعض الغزلان فعلّقنا رؤوسها في مقدمات سياراتنا في حين كانت الجثث(السقايط) في صناديق السيارات.. ونحن نعتقد انها ستكون أجمل هدية لهولاء الضائعين في الصحراء حيث سينعمون بأكل لحم الغزلان ربما لأول مرة في حياتهم.. وياااالشدة المفارقة حين وجدناهم فقد أخذهم منظر رؤوس الغزلان كل مأخذ مستنكرين فعلنا صائحين لماذا فعلتم هذا .. لقد شاهدنا الغزلان من بعيد ففرحنا لأن ثمة مصدر للماء ليس بعيدا من هنا .. إنها الكائنات الألطف على الإطلاق .. و رفضوا بكل تأكيد اكل لحومها في حين تنعمنا نحن بكل ذلك!! (انتهى كلامه).

والشاهد أنّ صيد الغزلان في ليبيا ليس من جوع ولا حاجة ، ولا لحم الغزلان هو الأطيب والألذ ، ابداً … بل قد يكون ذلك شيئاً متأصلاً في جيناتنا أخشى ما أخشاه أن يكون (ملاحقة كل شيء جميل و قتله!!).. الخطأ الموضوعي والعميق للاستاذ عثمونة والذي قرأته بين السطور إذا كان يرمي من خلال منشوره أنه كان بكتاباته خلال الفترة الماضية مثل الصياد الذي اطلق رصاصاته في الجبل خلف الغزال لياتيه مقترباً ومن ثم يجهز عليه برصاصة واحدة فإذا كان يعني أن الوزارة اقتربت من الجنوب فهذا أمرٌ فيه بعض الايجابية، إما إذا كان يقصد بذلك تسكين ديوان رئاسة الوزراء في سمنو بدل سبها فإنّ هذا خطأ في الرؤية من قبل الكاتب ناهيك عن المسؤولين .. فهذا هو ما يسمى بالهروب للأمام .. كان يجب على الحكومة أن تثبت للجميع في سبها انّ لها من القوة ما تستطيع به حماية كل سكان سبها لا ان تثبت أنها تعجز حتى عن حماية مكتبها.. كان يجب على الحكومة أن تتخذ من (الشارع الواسع) في سبها والذي اصبح مصطلحاً مرادفاً للجريمة والسطو المسلح والفيرنا المعتمة والخوف المستطير .. ان تحوله لواحة أمان من خلال تأمينه بقوة عسكرية و شُرطية حقيقية وأن يكون نواةً لبؤرة امن تكبر تدريجياً حتى تبلغ مثلث اوباري مرزق/ قويرة المال ثم لاحقا حتى القطرون جنوبا وما بعد الشويرف شمالا.. أمّا ان تأخذ بأيسر الأمور وتختار المكان الاقل جريمة فإن هذا لشيء عُجاب!! ومع كل ذلك فإني أخشى بهذا التوطين أن ينتقل إجرام سبها للبوانيس وتحديدا لسمنو ، وما حادث الدكان الذي كتبت عنه يا صديقي ببعيد..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :