مكامن الاعوجاج

مكامن الاعوجاج

بقلم :: محمد الأنصاري

كعادة أي حراك بشري يصعب على القابع فيه ضبط  نفسه ورؤية اخطاءه ، اذ انه ينزلق في اتون التدافع والتنافس حتى يتنسى  هويته وكيانه ،  ولابد  فيخضمالتدافع والتنافس المتسارع ، تسليط الضوء على مكامن الاعوجاج  فكما للإنسان حرية الخطأ  في طريق البحث والبناء ،  للأخرين حرية النقدالذي  يقيم الاعوجاج ، وخاصة عندما ينتج عن ممارسات  من  اقترنت مهمتهم  بالمثل الفاضلة ، فنحرافها عن مسارها يفتح ابواب الشكوك ويؤدي في نهاية المطاف للكفر بها،   في الوقت الذي قد نكون بأمس الحاجة اليها .

 ببساطة ان حمى الجشع نتيجة  ارتفاع الدولار في السوق الموازية  ، لم تطل فقط التجار وتدفعهم الى المزيد من  الطمع،  ولم تزيد من شراهة  العصب والمليشيات  المسلحة المحلية  ، وقد يبدو جشع التجار الفاقد للقيم طبيعياً ، كما لاتعد شراهة العصب المسلحة  والمليشيات امر  مستغرب وبعيداً عنها  ،فهو  لصيق بهاولو ادعت غير ذلك وتلونت بالمثل ، ولكن  ان  يصاب بهذه اللعنة جسم  ينادي  بالمثل عليا ورقي المجتمع والنهوض  به ، هو ما يعد غريباً وبشعاً  ، اذ لا يصعب على الانسان التفريق  بين الشر والفضيلة،  كما  يصعب عليه تفكيك الشر الذي التحف بالفضيلة،  وبالخير الاصيل الذي تم تحريفه،  فاغلب الشرور فظاعة واكثرها سيطرة وديمومة ، هي التي بنيت علي خير اصيل تم تحريفه .

 ولاشك بان المجتمع المدني  على وجهه العموم ، من وائلالمتأثرين  بداء الدولار  فلايخفى على  أيممتبع لحالة المجتمع المدني ومؤسساته ،  يدرك انه  مربمراحل ثلاث   امتازت الاولي  “بالفزعة”- العمل الذي يحمل الروح  الوطني البريء القاصر فنياً ، الغير مدرك لدوره وطبيعته مهامه ،والمرحلة الثانية مرحلة التأسيسوالتوجيه وشابها العديد من التخبط  وتعتبر بداية فترة تقديم خدمات لسانية للمجموعات  الداعمة ، واستيراد بعض المطالب  كقوالب  جاهزة   وفرض تطبيقها في المجتمع تحت ذريعة التطوروفى المرحلة الثالثة ،  لم تغب النبهة وفهم الادوار،  ولا الاطر  وطبيعة العمل ،  بقدر ماتبعثرت الاهداف الاساسية واندثرت المباديوامسىشغلها الشاغل الحصول  على الدعم  من قبل المنظمات العابرة للحدود ، والتي لم تتوانى  في تقديم الدعم  المادي في ضل   شح الموارد المالية وارتفاع الدولار امام العملة المحلية في السوق الموازي،لتعزيز ثقتها بالمجتمعمستخدمين في ذلك ابشع وسائل الاستغلال والاستبداد .

وقد  يكون  ذلك محل  خلاف مقبول ،  لدي معتنقي  الغاية تبرر الوسيلة  ،ولكن ان تصبح تلك المنظمات  لوح في عجلة تنمية المنطقة  بسبب خلافاتهم الشخصية  ، ما يعتبره البعض امر غير مبرر  على اية حال  وفقا  لنظرية  الفساد “كول ووكل” .

 ولم يفضي ذلك البحث المحموم عن مصادر التمويل الخارجية والداخلية ” الزائد عن الحاجة”  تحريفاً وتناقضاً بين المنظمة واهدافها فحسب ،  بل كان سبباً بالغ الاهمية في انهيار العديد من المؤسسات والمنظمات المدنية التي يشهد لها بالفاعلية يوما َ ما ، لأنه يفتح أبواب الشكوك في العمل التطوعي، الذي لا تحكمه ضوابط ملزمة و لا مالية حاكمة انما سلطة ادبية تنهار بمجرد دخول الريبة وتضخم الأنا  والأحقية عن المجموع ،  والتييتكفلالمال الزائدبتكوينها  , لايعد البحث عن  مصادر التمويل  معيباً، ولاتكمن  المشكلة  في  قطع  المسافات  بحثاً عنه  ، ولكن  المشكلة  تكمن في كيفية  ضبط ذلك البحث، بحيث لا تتنسى تلك المنظمات صميم  اهدافها  ، ولا يدفعها المال الى تجاوز جوهر تخصصها ومبادئها ، فالكثير من المؤسسات المدنية ،  انصرفت عن تخصصها للبحث عن ما هو مرغوب  في الساحة المحلية و الدولية “فتارة تجدها معنية بالطفل  ، وتارةبالشاب، وترىأخرى تقفز فجاءة نحو المصالحة   والتصالح  “او نجدها تمارس صميم تخصصها ولكن لا تهتم  بمخرجات مشاريعها  وجودتها ،وتتحول كل تلك المجهودات والاموال والوقت الي مجرد  نشيد وطني ، و صور سيلفي  دون ان يترتب عليه أي ثر لاحق ذو فائدة واضحة المعالم ومحددة و لاتنتهي الممارسات المعوجة عند هذا الحد فقط  ،فبمجرد دخولك  عالم  منظمات المجتمع المدني بكل اشكالها  ، اكانت تنموية ، ام تراثية ، ام اقتصادية ، ام كانت سياسية  وحتى تصالحية ،ستكتشف كمية الحقد والتنافس الغير مشروع  على حساب  قضايا وحاجيات المجتمع ،  يصل الى حد القطيعة  وتحشيد الضد وتشويه الاخر ،  وتعطيل المصالح العامة  وكل ذلك له مبرراته ” الوطن” هل فعلاً هكذا هو عمل المنظمات المجتمع المدني ؟ وكل ذلك  من اجل الوطن  ؟  .

 فعلى سبيل المثال نجد منظمات ، حملت على عاتقها  تنمية القدرات وسقل المواهب والدعوة الى صلح والتصالح ونشر القيم المجتمعية ،لا تجد حرجاً  في مقاطعة الاخر  ليس دفاعا  عن القيم  وتوعية المواطن ، من باب اختصاصها الاصيل ،   بل من اجل الفوز بمشروع تنموي للمجتمع  وبدلاً من التعاون على تنفيذه  على اكمل وجهه ، تبدا شن  حملتها  الشرسة  لتشويه الاخر،   ووضع العراقيل امامه  ، حتى يؤكد فشل  الاخر  بالرغم ان المشروع  عائد  على  المجتمع   ، ليس غريباً ان يكون  السياسي  مصالحياً  ولاان يكون  المليشاوي سفاحا يحمل   السلاح ليفرض اجندة  رب كتيبته ، ولكن الغريب ان يصبح  المثقف شيطانناً ورائد المجتمع المدني  تاجراً بقضايا  المستضعفين     ، فهل  ستشفى  العقول المصابة  بداء الدولار  وتعود المحبة بين من فرقت بينهم  المشاريع الممولة  بعد وهن الدولار امام الدينار ؟

 ان  التنافس ليسسيئاً. إذ يتمنى كل انسانالافضلحينما نتبع  الطرق سليمة التي تقربإنجازات المنافسين وحقوقهم، وتدفعناإلى العمل على تحقيق انجازات تتفوق على انجازات أقراننا .، ولكن  ان نمارس النميمة  والتدليس  لتدمير سمع المنافسين  وسرقة جهود الاخرين والتشكيك في اصالة افكارهم متعمدين ، بغية  تحقيق الانجازات تحت شعارات جذابة  في حين نظهر بمظهر الحقوقي  صاحب الحق والفضل والتقدير هو المعيب وهو مصدر كل الشرور .

واخيراًلايعني  ما سبق انعدام المنظمات التي لم تنحرف عن مسارها بقدر ما هو محاولة بسيطة   لتسليط الضوء على حالة التيه التي تعانيها مؤسسات المجتمع  المدني  لتجاوزها  غدا ، قبل تضعضع هذه المنظمات  في ذهن  المواطن  التي من المفترض ان  تحييالامل  فيه، وتصبح منبرا للعدل والتنمية  والحوار المشترك الهادف في المجتمع  .

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :