هنا في هذه البقعة النائية البعيدة كل البعد عن اهتمامات الحكومة ، نعيش يوميا تفاصيل فقدان الأحبة برحيل موجع بأسباب كان بالإمكان تلافيها لو كنا رعايا دولة تحترم آدمية قاطنيها مهما كانت جنسياتهم . نسمع ونرى ونقرأ أخبارا يوميا عن الوفيات بوباء كورونا رغم الملايين التي صرفتها الحكومة على التجهيزات واستجلاب المعدات والأجهزة الخاصة بوباء العصر، طبعا قبل استجلاب اللقاح ومع ذلك تكتظ مراكز العزل الجنوبية عامة والسبهاوية خاصة بالنزلاء الذين فارقوا الحياة وهم على أجهزة الأكسجين حتى هذا الأكسجين الاصطناعي أطلقنا حملات نداء واستغاثة بسبب نفاذه من مراكز العزل ، رغم أننا نملك مصنع أكسجين متواضع يبذل قصارى جهده لإنقاذ رئتي مريض أنهكتها ضربات الفيروس اللعين لكن مصنعنا لا يفلح.
أعدنا فتح مراكز العزل المغلقة لا لعلاج زوارها بل لتوديعهم وأحبابهم ينوحون وهذا أقصى ما نملك فالأمر لله من قبل ومن بعد وما حيلتنا ونحن بصحة عليلة أمام مرض عجزت إمبراطوريات الصحة العالمية عن مداواته إلا كفكفة دموعنا وتسجيل إحصائيات الوفاة ومن يدخل العزل لن يخرجه إلا ما كتبه له المولى جل في علاه من عمر.
ليت الأمر توقف عند وباء عالمي حير العلماء والبشرية لكنا عندها نحدث أنفسنا أن (موتنا مع الجماعة عيد ) كما تقول أمثالنا الشعبية لكننا وفي دولة تعوم على بحيرات النفط وخاصة جنوبها نفقد فلذات أكبادنا بلدغات العقارب أولئك الذين فقدنا أمهاتهم وآبائهم بكورونا في موجتها الثالثة التي لم تعد الوفاة فيها تقتصر على كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وسعر مصل العقارب يصل إلى 150 دينار وهو مبلغ كبير على أولئك المنكوبين الذين أجبرتهم الحياة والظروف المعيشية العصيبة على الإقامة الجبرية في هذه الركن من مساحة شاسعة تسمى وطنا، ترياق الحياة فيه مفقود وهو مجرد مصل يجبرنا على تشييع أطفالنا صباحا ومساءً.