سؤال … لو أن شخصاً متديناً مات نتيجة بعض الحروق (حرقاً) فهل يُعتبر شهيداً؟
الجواب …
الحمد لله. من مات حرقا فهو شهيد ؛ لما روى أحمد (23804) وأبو داود (3111) والنسائي(1846) عن جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟ قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ : الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود . قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود : ”
(المطعون) هو الذي يموت بالطاعون
(والغرق شهيد) إذا كان سفره طاعة
(وصاحب ذات الجنب) وهي قرحة أو قروح تصيب الإنسان داخل جنبه ، ثم تفتح ويسكن الوجع وذلك وقت الهلاك ، ومن علاماتها الوجع تحت الأضلاع وضيق النفس مع ملازمة الحمى والسعال وهي في النساء أكثر قاله القاري .
(والمبطون) من إسهال أو استسقاء أو وجع بطن
(وصاحب الحريق) أي المحرّق وهو الذي يموت بالحرق
(تحت الهدم) أي حائط ونحوه .
(والمرأة تموت بجُمع) قال الخطابي : معناه أن تموت وفي بطنها ولد . انتهى .
وقال في النهاية : أي تموت وفي بطنها ولد . وقيل : التي تموت بكرا” انتهى
. وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” من مات من رجال الدفاع المدني، حيث احترق بالنار وهو يحاول إطفاءها هل يعتبر من الشهداء…. ؟
فأجاب : أولاً: أقول: كل من مات بحريق وهو مسلم فإنه من الشهداء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحريق شهيد ) لكن ما نقول: فلان شهيد؛ لأنه مات بالحرق، ما ندري، لكن على سبيل العموم نقول: كل من مات بالحريق فإنه شهيد، وإذا كان من رجال الإطفاء كان أشد ثواباً؛ لأن هذا الرجل الذي مات بالإطفاء جمع بين أمرين: بين الحريق وبين الدفاع عن إخوانه، فهو في الحقيقة اكتسب أجرين: أجر الدفاع عن إخوانه المسلمين، وأجر شهادة الحريق، لكن لاحظوا أننا لا نشهد لشخص بعينه، يعني: مثلاً إنسان أحرقته النار أمامنا نقول: الحريق شهيد، لكن ما نقول: هذا الرجل شهيد، وقد ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه لهذه المسألة وقال: (باب: لا يقال فلان شهيد) ثم استدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله ) فقال: والله أعلم، إذا كان الله يعلم بمن يُكلم في سبيله؛ إذاً: لا نشهد على أحد، لكن نقول على العموم: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، فيفرق بين العموم وبين الخصوص ” انتهى من “مجموع فتاوى ابن عثيمين” (25/ 448(.
والله أعلم .