أحمد محمد بيوض
الحقوقي أو الحقوقية، هو المدافع أو هي المدافعة عن حقوق الإنسان، الفرد الذي يعمل بالنيابة عن فرد آخر أو مجموعة أفراد من أجل حماية وتعزيز حقوقهم المدنية و السياسية.
إن التمييز العرقي (القبلي أو الإثني) و الطائفي (المذهبي) و المسائل المتعلقة بالتوظيف، و الإخلاء القسري، و الحق في الرعاية الصحية، و انتشار النفايات السامة في الأماكن التي تعاني ضعف الخدمات، كذلك الدفاع عن البيئة الخضراء (التشهير بخطورة الاحترار العالمي و التغير المناخي) الحق في التعليم، و حرية التنقل؛ جميعها مسائل تدخل في سُلم أولويات المدافعين عن حقوق الإنسان.
يمر الحقوقي أو الحقوقية؛ بثلاث مراحل على الأقل في حال تبنيه إحدى تلك القضايا السامية وهي :
1 – تقصي الحقائق (جمع المعلومات) :حيث لا يمكنك الدفاع عن قضية زائفة أو غير أصيلة في مجتمعك، أو الدفاع عن قضية صدر فيها حكم نهائي من المحكمة، إن تقصي الحقائق جزء أصيل في سبيل دفاعك عن أية قضية كانت، فقد يكون المشتكي نفسه – في أحيان عديدة على باطل.
2 – دعم ضحايا الانتهاكات (في إطار القانون) يتم ذلك باستقبالك للشكوى أولاً، عبر قنوات رسمية، و من ثم تقديم المشورة القانونية السليمة لصاحب الشكاية، تأتي لاحقا عملية وضع آلية للإنصاف (في إطار القانون أيضاً) في حال لم يصدر فيها حكم محكمة نهائي.
3 – إظهار الحقيقة :
يأتي ذلك من خلال الشفافية في عرض النتائج و المراجع التي استندت عليها في سبيل وصولك إلى الحقيقة، والموضوعية العلمية في الاستنتاجات، و الحياد السلوكي اتجاه القضايا التي يدافع عنها الحقوقي، إن التأثير القومي أو القبلي أو الطائفي؛ ينزع عنك – كحقوقي أو حقوقية – تأثيرك الإنسانيّ اتجاه القضايا، و تصبح القضية شخصية، و يصبح علاج المسألة نفسه مشكلة.
للحقوقي أدوار أخرى أكثر عمومية؛ منها على سبيل المثال لا الحصر :
1 – دعم الحكم الرشيد :
تشجيع الحكومة على الوفاء بالتزاماتها اتجاه حقوق الإنسان على المستوى الوطني، و تنفيذ المعاهدات و المواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان، لا بل و تحريض السُلطات على التوقيع في حال تأخرت الحكومات على المصادقة عليها .
2 – التثقيف الذاتي :
لا يتأتى ذلك إلا من خلال المتابعة الدورية لأحدث المعاهدات و الاتفاقيات على المستويين الإقليمي و العالمي بشكل خاص، و الاطلاع على أبرز التشريعات المتعلقة بالجوانب الحقوقية بشكلٍ عام، على ألا يكتفي الحقوقي بمتابعة الأوضاع الحقوقية لبلده فقط، إنما يتخطى ذلك إلى محيطه الإقليمي و الدولي، خصوصا تلك الوحدات السياسية المجاورة التي تشترك مع بلده في نفس الثقافة.
3 – التدريب :
الحقوقي هو فرد نشط في بيئته، و إن سعيه للتعريف بمعايير حقوق الإنسان من خلال المؤسسات الوطنية التي تحتضن هذه المبادئ كالمجلس الوطني للحريات العامة و حقوق الإنسان بليبيا مثلا، و التأكيد على ضرورة تطبيقها تعتبر في صُلب نشاطه التطوعي أو المهني (الذي يتقاضى مقابله في أجر).
في سبيل الخاتمة :
إن النشاط الحقوقي، مجال مفتوح للجميع، فأنت غير مقيّد بمؤهل علمي (يُفضل ذلك بأي حال من الأحوال) لا هو حكر على دين معين (فديننا الحنيف حجر زاوية في الحريات العامة و حقوق الإنسان) كما أن النشاط الحقوقي ليس حكراً على ثقافةٍ بعينها (بمعنى أنه ليس حكرا مثلا على ثقافة الشمال : أوروبا و أمريكا الشمالية)
تأسيساً على ذلك؛ يمكن لأي شخص أو مجموعة أشخاص في أي بقعة من هذا العالم الفسيح العمل على تعزيز و حماية حقوق الإنسان في بيئتهِ، بشرط ألا يتعدى ذلك على حقوق الآخرين، إن نشاطك الحقوقي مشروط و لا يجوز أن يستخدم للوي الأذرع؛ كما استعملتها و ما زالت تستعملها بعض الدوائر الاستعمارية التي تدعي ممارستها الشفافية في هذا المجال لكنها حقيقةً تحقق من وراء ذلك مطامع اقتصادية، و أخرى اجتماعية، انسجاماً مع سرمدية تلك النزعة البشرية التي سُميت صِدام الحضارات أو الثقافات.
كما أن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس حكراً على منظمات غير حكومية (أهلية) أو منظمات دولية، أقول؛ تفوز تلك المجتمعات التي أصبح فيها الدفاع عن حقوق الإنسان (حكومياً) تلك المجتمعات التي أصبح فيها الناشط الحقوقي موظفاً بالدولة، إن أمثلةً مبشرة على ذلك، أصبحت واقعاً في بلدنا ليبيا و ليس المجلس الوطني للحريات العامة و حقوق الإنسان إلا مثالا حياً على ذلك.