د : سالم الهمالي
أقف مشدوها أمام من بثقة مفرطة يعطي مشهدا أو تصورا لنهاية الحرب (الروسية – الأوكرانية) فيما أجد نفسي عاجزا عن بلوغ تلك الدرجة من اليقين حتى فيما سيكون عشائي الليلة.
بالطبع هنا لا أقصد عامة الناس ممن تنقصهم الخبرة أو الدراية التامة بأحداث الحرب من الدواعي إلى المجريات، بل من يعرضون أنفسهم بأنهم على علم ومعرفة، عارضين ضروبا مِن السياقات التي يرونها تمثل الطبعة الختامية لما نشهد تطوراته يوما بعد يوم.
الحرب المشار إليها تعد من الأحداث الكبرى في العالم، مما يجعل وبالمنطق التنبؤ بالشكل الذي ستنتهي إليه أكثر صعوبة، فإن الواقع يشير بوضوح إلى عجز إدراك ذلك حتى في الحروب الصغيرة بالمقارنة.
فهل الواقع اليوم في سوريا أو ليبيا هو ما توقعته مراكز الدراسات وخبراء التحليل السياسي؟
وهنا، وبدون أدنى شك، هناك من يقول إنه توقع ما نرى ونعيشه، وإن كان في الأغلب خبط عشواء، فهل يمكن أن يعرض لنا ما عنده على مراحل؟ أي حال ليبيا أو سوريا بعد شهر، ثلاثة أشهر، ستة أشهر، عام، عامين، خمس، عشر سنوات؟ في تقديري، إن الجن الأزرق لا يمكن له أن يتوقع تسلسل الأحداث في ليبيا، ولا يمكن في حدود العقل البشري توقع أن ليبيا سيحكمها زيدان أو الثني أو بوسهمين أو المقريف أو السراج، ولا حتى الدبيبة. الجدال هنا بيزنطي، ولا يمكن أن يكون ذا جدوى أو فائدة، لأنه يصدر عن عواطف أكثر منها علما ومنطقا. لو كان الأمر بهذه السهولة، لكان هروب أمريكا من أفغانستان على الساق خطة محبوكة منذ أن فكروا في ولوج تلك الحرب (الكارثة)، التي كلفتهم ترليونات والآلاف من الجنود.
أو أن مغامرتهم فِي العراق كانت إعدادا مسبقا لتسليمهما إلى إيران على طبق من ذهب بتكلفة ترليونية مشفوعة بالأرواح والدماء. القاعدة الذهبية في كل الحروب هي أنك تمتلك شرارة إشعالها، ما يحدث بعد ذلك في الأغلب فيه أحداث لم تكن في الاعتبار. متوالية من الفعل غير المتوقع ورد الفعل غير المتوقع أيضا للوصول إلى نهايات تختلف تماما عما كان فِي الحسبان.
أشاهد وأستمع وأقرأ الكثير من السيناريوهات المتوقعة لنهاية الحرب، وأدرك تمامًا أنها وبدون استثناء لن تختلف عما تعلمناه من دروس عبر التاريخ.