بقلم :: سالم الهمالي
يُروى انه خلال الثمانينات من القرن الماضي، إبان فترة الحرب الليبية التشادية، حيث سيطرت قوات الجيش الليبي على كافة الاراضي التشادية بأحكام، انقلب الحليف التشادي الرئيس حينها ( كوكوني وادي) على عقبيه، وطالب علانية بخروج القوات الليبية من الاراضي التشادية فورا وبدون أبطأ. بالطبع، كانت فرنسا وراء ذلك المطلب الذي فاجأ الليبيين، خصوصا القذافي، الذي كان قد أعلن ان القوات الليبية دخلت تشاد استجابة لطلب حكومتها الشرعية، وأنها ستخرج من الاراضي التشادية اذا طلبت تلك الحكومة خروج القوات الليبية. أوانها كان يظن ان ( كوكوني وادي) تملأ من اليد، وكلمته في مكانها ؟!
جمع القذافي كبار ضباطه العسكريين وبعض المستشاريين ممن لهم دراية بالاهداف الجيوسياسية للتدخل في تشاد، وطلب منهم المشورة فيما يجب القيام به حيال الطلب التشادي الذي أحرج الليبيين دوليا. توالى الحضور في ابداء الاّراء واحدا تلو الاخر، وكلهم اجمعوا تقريبا على رفض الطلب التشادي وتجاهله، والتمسك بالأرض، خصوصا ان القوات الليبية كانت في وضع قوي، وتحكم السيطرة المطلقة على تشاد.
العقيد حسن أشكال كان الاستثناء الوحيد، الذي أشار على القذافي بالاستجابة للطلب بدون مماطلة او تسويف، لان ذلك يقطع الحجة على كل من ينوي القيام بأعمال تدمر القوات الليبية في تشاد، بالاضافة الى ان الاستجابة هو ما ليس متوقع من القوى الغربية، وفِي الغالب ذلك ما عملت استراتيجيتهم عليه.
ما ان انتهى أشكال من ابداء رأيه وملاحظاته حتى صدرت الأوامر بالانسحاب الفوري لكافة القوات الليبية من الاراضي التشادية خلال أسبوع واحدا فقط وبدون تاخير، وهذا ما كان.
العبرة:
عند اتخاد القرارات الصعبة والاستراتيجية عليك ان تستمع للآراء التي تمتلك الشجاعة، ولا تقول لك ما تظن انك تريد ان تسمع.