بقلم :: نيفين الهوني
الومضة تلك النبضة الحائرة بين البوح والصمت وبين الصراخ والهمس.. الومضة تلك الكلمات البسيطة في عددها الكبيرة في معناها ، المختزلة لكل القصائد الشعرية الكلاسيكية في وجداني ،الومضة القطعة الشعرية المتكاملة كما يسمونها تجتاح الذهن في لحظة فتبرق رؤى في ليلة ظلماء لذهن متقد ..
حين تكتب الومضة تحتاج إلى قوة الكلمة وتكامل المعنى في جمل شعرية واضحة وقصيرة تحقق موسيقى القصيدة وتموسق المعاني على وتر القارئ لتصل للمتلقي بسرعة ويتذوقها بمتعة وهذا أقصى ما يتمناه كل شاعر
والقصيدة الومضة نص خالص متكامل يغني عن قصيدة بمئات الأبيات الشعرية العمودية لذا تحتاج الومضة لكثير من الحكمة والإيجاز وأحيانا إلى الرمزية في التعبير وبالتالي القوة لكي تصل بصورة متكاملة للمتلقي فترسخ في الذاكرة الحية في حال أعجب المتلقي بها وهو أمر ليس بسهل أبدا حيث أن القصائد الكلاسيكية تحقق هذا الأمر بموسيقى الشطر ونهايات الأبيات بسرعة وسهولة أيضا والقصيدة الومضة يحتاج فيها الشاعر للوقوع في الحالة الشعرية والقارئ في وقوعها فيه موقع الهوى.
وعادة لا تعتمد قصيدة الومضة على المعرفة العقلية المباشرة ولا على العمليات الفكرية، التي تتوالد في الذهن، بل على التركيز والتقاطات الذهن في الحياة العادية والأشياء البسيطة والواضحة والقريبة من القرّاء.
وطالما تميزت قصيدة الومضة عن غيرها بالغنى الموضوعي بعيداً عن الشعارات والحماسية وخاصة في ومضات الوطن ، وقد اتخذت نهجاً يختلف عن الشعر التقليدي الموزون في الشكل والبناء واللغة والنظرة للأمور حيث يسمو فيها الإنسان بالثقافة التي تتشابك فيها الوعي الإنساني والوجداني برؤى إنسانية أخرى، تهدف إلى توجيه الوعي نحو آفاق ادبية جديدة ورموز تستحث الذهن لعديد التأويلات، بحيث لا يتقولب الفكر ولا تتصلد الذائقة في شكل واحد ومن هنا يمكننا القول أن القصيدة الومضة قد كشفت عن فعالية عاطفية، تحول فيها الشعر إلى معطى إنساني وجمالي في آنٍ معاً، بأساليب وتقنيات الكتابة الشعرية الجديدة، التي تقتضي شعراً مغايراً ومعانداً وخارجاً وثائرا على الاطر الشعرية السائدة والمعروفة