سالم أبوظهير
في مارس 2011م قال باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق مخاطبا شعبه مبرراً له سبب تدخله في ليبيا : ( إنه من الخيانة للإنسانية أن نتخلى عن مساعدة من يحتاجون للمساعدة، وأضاف أن قتل معمر للمدنيين في ليبيا جريمة ضد الإنسانية لاتسمح بها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، ولابد من التدخل العسكري لإيقافها) . كان أوباما يكذب عندما قال هذا الكلام ،وكان يعرف أنه يكذب ، وكان شعبه أيضا يعرف أنه يكذب ، بعضنا فقط من صدق ماقاله أوباما ، وصفق له ، وبعضنا الآخر كان يعرف أنه يكذب لكن لابأس إذا كان الهذف هو التخلص من معمر القذافي. بعد شهور وبعد أن مات القذافي بأيام هتف بعضنا لبرلسكوني ولكاميرون في بنغازي، وكنا نأمل بأن تكون الإنسانية التي تحدت عنها أوباما ، من أول أولياتهم ، لكنهم رحلوا ، وفي طريق عودتهم أوعزوا للدمى التي يحركونها، بضرورة الوقوف ضد أن تقوم دولة في ليبيا. نقترب من العشر سنوات الآن ، ونحن نسير للخلف بسرعة قياسية ، وتتكفل الدمى في قطر وفي الإمارات وفي تركيا وفي مصر وفي السعودية وفي ليبيا ، بتزويد مركبة التخلف بالوقود ، وقيادتها والسير بها في كل الاتجاهات ، إلا السير صوب الأمام لمنعها من التقدم والتطور والدولة المدنية . كان للدول الكبيرة مصلحة في أن لا تتقدم ليبيا ،وكان للدول الصغيرة مصلحة في أن تفشل فبراير ، وجعل كل من تناوب على حكم ليبيا بعد معمر مصلحته الشخصية فوق مصلحة شعبه وفوق مصلحة ليبيا .ولهذه الأسباب بقينا نسير للخلف ،ثم نراوح مكاننا قليلاً ،ثم نعاود السير للخلف ، أغلقنا عيوننا ، وفتحنا حدودنا وأبوابنا ونوافذنا ،أمام كل من هب ودب ، وفشلنا في اختيار قادتنا ومسؤولينا ، الذين ماعادت ليبيا الكبيرة تسعهم فكتبوا خارج حدودها أغلى دستور في العالم ، لايزال محفوظا بصيغة البي دي إف ، وجابوا مطارات العالم وفنادقها بأموالها دون أن يقدموا لها شيئا يحفظ لهم كرامتهم التي لاتهمهم . رئيس ليبيا الحالي كلفه برناردينو ليون، ليحكم فعليا بعده غسان سلامة ،الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في البلاد ، ليبيا لاسيادة لها ، ولاتملك وزارة فيها أن تغير اسم مدرسة ابتدائية ، وهذا كله بسبب سماحنا بالتدخل الخارجي ، هذه ليست نظرية مؤمراة، نعترف بها أو ننكر وجودها لكنها واقع نعيشه ونلمسه ، وعشناه ولمسناه من أول تدخل عسكري سافر يقصف معسكر في السدادة ، أو مصنع في غريان بحجة التخلص من معمر القذافي . ليبيا كبيرة بجغرافيتها وسياحتها ، وبتاريخها وبحضارتها ، وبأهلها وناسها ، ساحلها البحري يكفي للقضاء على مجاعة أفريقيا ، وصحراؤها متخمة بالجبس والكبريت واليورانيوم والنفط والغاز، والحديد والنحاس، وشمسها كفيلة بنشر الدف في جزء كبير من أوروبا . وهذه البلاد بسكانها التبو والعرب والأمازيغ والطوارق ، ليس بينهم خلافات عرقية أو طائفية أو دينية أو مذهبية، تجمعهم ليبيّتهم ويجمعهم دين سماوي، سيفكرون يوما بعقولهم، وسيتخدون من الحب والخير والحرية والسلام شعارهم ، وسيشمرون عن سواعدهم وسيعتمدون دستورهم ويعيدون أمجاد أجدادهم وسيبنون دولتهم . لذلك إنها مسألة وقت فقط،وليبيا ستكون فقط لو يتركوها وشأنها.