- أنيس البرعصي
ألصقت صورتك خلف باب غرفتي ، و كلما دخلتها أطلقت على وجهك سهم أو سكين ..هذه المرة أطلقت الرصاص .. و فشلت في إصابتك لم تقابلي مرضى في حياتك مثلي ؟ أنا أيضا لم أقابل شخصا مصابا بك إصابة غائرة بنفس حالتي.. تعلمين إن الانتحار في هذه المدينة يقدم كطبق شعبي ،و تعلمين أيضا إن عدد القتلة المأجورين المحترفين فيها أكثر من عمدان الإنارة المنطفئة ..فلماذا اخترتني بالضبط ؟ ولماذا أخترتي الذكرى كأداة جريمة الا يروقك طعم بنادق القنص والقنابل ؟ أم إنها تفسد هندام الجثث ؟ أنا لا استطيع يا امرأة إن أخرجك من مفرمة رأسي قطعة .. قطعة ..و لا أستطيع أيضا إن أحتفظ بك حية بأصابع قادرة على الطرقعة و الإشارة إلى شيطاينك بالهجوم علي لنتف شعر ذقني و ركل نسيانك كلما شعرتي بالملل .ذات مرة قررت أن أضع حدا لجحيمك طلبت منك موعدا في مقهى .. و لغمت طاولتنا بأسوأ المتفجرات سمعة و فيما كنتي تقرمشين البسكويت كبست الزر و تحول مسرح الجريمة إلى غيمة سوداء ..و أطلقت النار أيضا لأضمن نظافة العملية.. أطلقت النار على كل شيء بلا هوادة أصبت الطبيب البيطري بالطاولة التي بالخلف و النادلة و كلب صاحب المقهى و بائع الصحف بالخارج ثم استبدلت مخزن المسدس و استأنفت إطلاق النار على شاحنة المثلجات و عمود الإنارة و صندوق الموسيقى وحجرة الهاتف العمومي.. و كل من يمسك هاتفا أو يصدر صوتا .. أو شاهدنا سويا .. مع أنهم جميعا كانوا ميتون قتلت كل شيء مجددا .. و نسيت وجوه الضحايا و صراخهم وعدت إلى الشقة مهرولا لكن صورتك كانت تنتظرني هناك و مازالت تبتسم لي بسخرية.. حتى بعد إن خلعت الباب و نسفت غرفتي و كل ما يذكرني بك بمدفع جهنمي ،مزقت صورتك ،بصقت أسمك ، تقيأت قلبي ، مزقت صورتك مجددا ، جففت ذاكرتي من نغمة صوتك لكنك مازلتي حية هنا في هذا الرأس اللعين الممتلئ حتى حافته برائحة الدم و الأدمغة و الدخان و البارود و نعيق الغربان و تواريخ الجنائز ، تراوغين النسيان .. كما تراوغ الملائكة الموت و تشاهد فناء العالم و احتضار الكواكب و تهديني بعد كل محاولة خريطة مقلوبة تقود نحو قبر فارغ ..! يقول أحد المحققين إن هذه الصورة تعود إلى ضحية لم تخلق بعد !يقول الطبيب النفسي إن كل مرضاه رسموا له ذات الملامح .. قبل إن يغادروا غرفته نحو السماء برؤوس متفجرة و أعناق مشنوقة ! تقول العرافة .. إنها تشبه زهرة ..ذلك النوع الذي يزرع فوق قبور من عجز الأطباء الشرعيون في التعرف على هويتهم .