ولازلنا ننتظر معجزة علمية

ولازلنا ننتظر معجزة علمية

الثريا رمضان

ذات يوم كتبت حتى لو انتصر العالم على فيروس كورونا، سيجيء فيروس آخر يوما ما ليفعل بنا أكثر مما فعله كورونا، ذلك أن البشر لا يتعلمون بشكل جذريّ من تجاربهم، فالطبيعة البشرية تحتمل النسيان أكثر من التذكر وتحتمل التهور أكثر من الانتباه. لقد تعامل الإنسان مع الطبيعة بفوقيّة معتقدا أنّه وصل إلى مستوى من العلم يجعله قادرا على هزيمة أيّ خطر يداهمه، ولقد آذى الطبيعة بأنانيّته المفرطة متناسيا أنها سبب رئيسي في التوازن البيئي. وهذا ماحدث فعلا هذا الفيروس الدقيق جدا، غلب الحداثة والتطور، وأرغم الإنسان على الجلوس في البيت مستكينا لمصير ضبابي لا تمتلك زمام أمورك فيه سوى الدولة والمنظومة الصحية والسياسية للبلاد.

لقد جعل الفيروس من الإنسان مطيعا غنيا كان أم فقيرا، أمّيا كان أم عالما، مثقفا كان أم جاهلا. لقد تغيّر العالم وما زال يتغيّر أكثر، ليس فقط من الجانب الاقتصادي والسياسي، مع الأزمة الاقتصادية التي سببها الحجر الصحي وإقفال الشركات والمعامل وخسارة لمَواطِن الشغل وبالتالي توقّف الدورة الاقتصادية، بل أيضا من الجانب الإنساني. فأجبر الإنسان على مراجعة نفسه من جديد في فترة العزلة وما بعدها، وتأمّل ما له وما عليه، وما ستكون عليه حياته بعد الكورونا التي ظلت تتطور وتتغير وتتحور وينبثق عنها متحورون جدد أمّا عنّي، فماذا فعلت بي الكورونا وإلى يومنا هذا رغم محاولاتي استئناف الحياة الطبيعية التي عادت وما عدنا؟

فقد أجبرتني على الجلوس في البيت قسرا. ورغم أنّني كنت أبحث عن فلّة ولو صغيرة في الزمن لأنعزل فيها عن العالم الخارجي فأكتب، إلا أنني كرهت هذه العزلة، لا لشيء إلا أنها إلزامية، والإلزام اختناق. بالفعل، هكذا كنت أرى ذاك الحجر ولازلت رغم الخروج ومحاولات الرجوع ، اختناق كابدته في بداية الحجر وأنا أمام نصّ أحاول كتابته ولا أستطيع ذلك.

أعتقد أن الحرية خلّاقة أكثر. ذاك الحجر غيّر فيّ كثيرا، غيّر عاداتي. وبدل أن أغتنم الفرصة للإبداع، وجدتني داخل المطبخ متفرّغة للإبداع في أصناف الخبز، فالوضع يتطلّب، فاقتناء الخبز يحتاج للخروج اليومي، والخروج كان عسيرا توقّيا من احتمال التقاط الفيروس آنذاك . وفي النهاية، علينا أن نعترف أن فيروسا ضئيل الحجم جعل منّا ضعافا مستسلمين، ننتظر معجزة علميّة تنقذنا منذ 3سنوات ولسنا ندري إلى متى؟.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :