بقلم :: أحميد اعويدات
كثيرا من الأحيان نستمع إلى قول بعض الشخصيات على القنوات الليبية عن مفهوم الوطن و أنه فوق الجميع من وجهة نظر شخصية أخرى يمكن لكاتب هذا الرأي أن يقول إن المفهوم الكبير المثالي لليبيا ليس موجوداً إلا في وهم البعض ،إذا سألت البعض عن ما هو مفهوم الوطن في نظره فببساطة سيتحدث عن تلك الكيلومترات المحدودة التي تحيط به و تحتويه من كل جانب لا أكثر ،كمنطقته أو قريته و في أفضل الأحيان مدينته
لا أحد يمكنه رؤية الصورة المثالية للوطن في مفهومه لأن الفكرة النظرية لدينا في عقولنا لا يمكن إلا أن تصطدم بحاجز الواقع المرير الذي نعيشه الآن و نشأت عليه أجيال كاملة ،تبدلت فيها مفهوم الوطنية الليبية بشكلها العام إلى مفهوم مصغر لا أكثر ،فإذا سألت شخصاً من الجنوب عن وطنه فسيختزله على سبيل المثال من قيرة إلى الشويرف ،و كذلك لو سألت شخصاً آخر عن وطنه سيختزله من جبال أكاكوس إلى مرزق ،و في الغرب و الشرق كذلك أيضا.
مفهوم الوطن لدى الليبيين الآن لا يتجاوز نطاق السيطرة المعترف بها لقبيلته من قبل باقي القبائل الأخرى حيث من خلاله يشعر بالقوة و الأمن .
النسيج الاجتماعي الليبي كذلك و أعرافه هي من ساهمت بتشكيل هذه الفكرة عن الوطن لدى البشر الذين تحتويهم هذه الرقعة الجغرافية ،إلا لدى بعض المجمعات التي خرجت من هذا النطاق إلى نطاق مدني كذلك تجد لديهم الوطن مختزل في منطقة محددة تشمل مجموعة مدن أو قرى بعيدة عن أي تكتّل قبلي شرقاً و جنوباً.
حيث أن مختصر التحول المراد له ديمقراطيا و كذلك التنموي صعب الحصول في نتاج هذه المفاهيم التي تم إنتاجها من خلال هذه البيئة ،حيث يسعى كل شخص من خارج النطاق المدني ،أي العشائري إلى تعزيز الثقل السياسي و النفوذي لوطنه فقط ” قبيلته ” و منطقة حكمه التي يجلس على عرشها ،ومن خلال كل المراحل السياسية الأخيرة التي مرت على البلاد يمكن ملاحظة النتاج التنموي لهذه الأفكار في أوطان من استلموا بعض تلك القوة الانتخابية ،حيث لا تجد أي شكل من أشكال التنمية على مستوى المناطق و المدن إلا في الغرب الليبي ،بعيداً عن القبائل المتصارعة على عروش أوطانها و رؤيتها ل “عشيرتها ” على أنها الوطن الوحيد و الذي دونه الفناء
الوضع لا يمكنه التحسن ما لم توضع النقاط على الحروف ،أو أن تستغل هذه الوطنية المصغرة و إعادة تطويعها من خلال بعض التلاعب في هذه الطوائف من أجل الصالح العام .
لهذا لا يمكن أن يقود هذه الأم أحد من تلك المناطق التي تم ذكرها ،لأنها ستصبح جحيماً جديداً تتنعم فيه أسرة و قبيلة على باقي الشعب الواقع على وجهه.
الوضع الحالي الآن بدأ يتّسم بالكثير من الغموض في ضل عدم وجود أي تكهنات مستقبلية بنجاح أو حتى فشل التجربة القادمة من خلال الصندوق ،فالوضع الحالي و بقاؤه من أجل بقاء الكتل أو حتى الشخصيات المسيطرة على الوضع الحالي في سدة السلطة الحالية ،و أحداث المطار العسكري معيتيقة بالإمكان أن تؤخذ على أنها مثال على بعض السيناريوهات القادمة مستقبلاً.
الوهم بوجود وطن واحد ليست موجودة في عقول الجميع بل البعض فقط ،حيث لا يمكن تطبيق تلك المثالية لدينا الآن أو حتى في المستقبل القريب كذلك ،إلى حين فناء هذا الجيل و الأجيال القادمة التي يمكن أن تكون حاملة لمشعل الوطن الجامع في اسم واحد هو ليبيا.