وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ

وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ

تتوالى مواسم الخيرات محفوفةً بفضل الزمان وشرف المكان، وأفئدة المسلمين تهفو لبيتٍ يتجهون إليه مراتٍ كل يوم، (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) [البقرة: 144]، وأنظارٌ تتطلَّع لبقاعٍ مباركةٍ تتجدَّد فيها العِبَر والعِظات، قال – سبحانه -: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ) [آل عمران: 97]، نفعُه متعدٍّ للحاضر والباد،( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) [الحج: 28]، والأرزاقُ إليه دارَّةٌ والنعم حوله متوالية، (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [القصص: 57]. رِكاب الحجيج يمَّمت بيت الله العتيق، راجيةً موعود الله، مُستقبلةً طاعةً من أجلِّ العبادات وركنٌ من أركان الدين، حجُّ بيت الله الحرام بيتٌ لحطِّ الأوزار والآثام، قال – عليه الصلاة والسلام – لعمرو بن العاص عند إسلامه: «أَما علمتَ أن الإسلام يهدِم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدِم ما كان قبلها، وأن الحج يهدِم ما كان قبله»؛ رواه مسلم. فيه غسلُ أدران الذنوب والخطايا، قال – عليه الصلاة والسلام -: «من حجَّ فلم يرفُث ولم يفسُق رجع كيوم ولدَته أمه»؛ متفق عليه. ثوابه جنات النعيم، قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة»؛ رواه مسلم.

في الحج منافع وعِبَر: توحيد الله وإفراده بالعبادة شِعار الحج، وافتتاح النُّسُك: لبيكَ اللهم لبيكَ، استجابةٌ لأوامر الله وأعظم أمرٍ أمر الله به، قال جابر – رضي الله عنه -: أهلَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – بالتوحيد؛ رواه مسلم. لبيك لا شريك لك لبيك: نبذُ الشرك وإقراره بالتوحيد؛ إذ هو أساس الدين وأصله، وشرط قبول الأعمال. إن الحمد والنعمة لك: فيها تذكيرٌ بإسداء النعم والثناء على المُنعِم، لتُصرَف الأعمال له وحده، ومن لبَّى في بلد الله الحرام فقد عاهَدَ ربه بإفراده بالعبودية في كل مكان وزمان. والتجرُّد من المخيط تذكيرٌ بلباس الأكفان بعد الرحيل، وإرشادٌ إلى التواضع ونبذ الكبرياء، الجمع كله إزارٌ ورداء، الرأس خاضعٌ للجبار مُستكينٌ للرحمن. وفي رؤية البيت المعمور مشهدٌ لإخلاص الأعمال لله، نبيَّان كريمان الخليل وابنه يرفعان أشرف معمور، ومع هذا يسألان الله قبول العمل،قال تعالى:- (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127]. وواجبٌ على الحاج إخلاص أعمال الحج وغيرها لله، فلا يريد بعمله رياءً ولا سُمعة، ولا مُباهاة ولا مفاخرة،قال تعالى :- ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ )[البقرة: 196]، طلبُ رضا الله وتكفير السيئات. وللطواف وقعٌ على القلوب في بِساط بيت الله الآمِن، فلا موطن على الأرض يُتقرَّب فيه إلى الله بالطواف سوى ما حول الكعبة المُشرَّفة، قال تعالى :- ( وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) [الحج: 29]. وفي تقبيل الحجر الأسود: حُسن الانقياد لشرع الله وإن لم تظهر الحكمة، قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -: “والله إني لأعلم أنك حجرٌ لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يُقبِّلُك ما قبَّلتُك”؛ متفق عليه. وفي مناسك الحج درسٌ في التقيُّد بالسنة وحسن الاتباع، قال – عليه الصلاة والسلام -: «لتأخذوا عني مناسككم»؛ رواه مسلم. فعلى المسلم اتباع النبي – صلى الله عليه وسلم – في كل قُربة، واقتفاء أثره في كل طاعة، وعدم تتبُّع الرُّخَص في الحج أو غيره،  قال تعالى:( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )[الحشر: 7].

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :