يا معشر الحالمون

يا معشر الحالمون

صلاح الدين إبراهيم

ذات مساء أخذني الحنين إلى حيث لم احتسب لأجد نفسي أتسكع برفقة بؤسي و حسرتي داخل اسوار الملعب البلدي بسبها ، او هذا ما كان يسمى سابقاً قبل أن يخرج عن العمل و يزج به في بند الصيانة ويقبع بها إلى ماشاءالله..

المكان خالي فلا وجود فيه للرياضيين ولا حتى عمالة او مهندسين ولم يبقى هناك مكان حتى لجلوس المتفرجين ماهي إلا حجارة مترامية و أكوام رمال جمعتها رياح القبلي التي اشتهرت بها هذه الأرض في اخر الزمان.

من بؤس ما رأيت لم تعدّ قدماي تقويان على السير و لم استطع الاستقامة و إكمال المسير سعيت جاهدا للاتكاء على الجدران وحين وصلت رميت بظهري للجدار ..

جدران تشكو الوحشة و تندب حظها الذي نصبها في هذا المكان و كأني آسمع صراخها و هي تستغيث بصوت خافت ولغة لا يفقهها الكثيرون هي اشبه بلغة العيون لدى العاشقين و قريبة في وصفها من احساس الام بطفلها وهو جنين هي لغة المخلصين من لم تتلوث جيوبهم بأموال العوام ولم تستهلك خلايا أدمغتهم وهي تكيد المكائد للاخرين..

أغمضت عيناي لعلى الله يبعث في عقلي قليلاً من الافكار

فتحتها بعد أن انتابني اليأس و اخترت طواعية مغادرة المكان ، و في طريقي إلى البوابة استمع إلى أحدهم و هو ينادي قائلاً “ياهذا تمهل” ظننت حينها انها تهيأت فقررت الاستمرار وعدم الالتفات وماهي إلا لحظات لأستمع لنفس النداء..

وقفت ملتفتاً خلفيّ وإذا به رجل يلوح بيديه ، انتظرت حتى وصل و وقف امامي و إذا به شاب في مقتبل العمر كل ملامح وجهه تنبض بالحياة ، اندهشت من وجوده في هذا المكان و هو بفطنته ادرك مايجول في عقلي واستغل دهشتي ليبدأ بالكلام قائلاً

جِئتُ لا أَعلَمُ مِن أَين وَلَكِنّي أَتَيتُ

 وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقاً فَمَشَيتُ

وَسَأَبقى ماشِياً إِن شِئتُ هَذا أَم أَبَيتُ

كَيفَ جِئتُ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي لَستُ أَدري

أَجَديدٌ أَم قَديمٌ أَنا في هَذا الوُجود

هَل أَنا حُرٌّ طَليقٌ أم أسير في قُيود

هَل أَنا قائِدُ نَفسي في حَياتي أَم مَقود

أَتَمَنّى أَنَّني أَدري وَلَكِن لَستُ أَدري..

ذهلت من ماسمعت سألته من تكون ؟ أجابني بكل فخر انا “الحلم” انا من تنتظرون انا الذي من اجله تناضلون انا الذي يدفعكم في كل صباح لتعملون انا الذي من اجله يكتب قلمك و اقلام الاخرون انا الذي سأتحقق و لو بعد حين . استمرو بالعمل و الكفاح فإن انتظركم في هذا المكان الذي حتماً سيعود يوماً الى الحياة..

جزعت من قوله وحكمته هرعت مسرعاً للخروج من المكان و العرق يتصبب من جبيني حتى غطى عيناي ركبت سيارتي و انطلقت لا اعلم الى أين اسير و كل ما في ذهني هو الهروب من ذلك الشاب حتى استوقفتني اشارة المرور ، اخرجت رأسي من النافذة باحثاً عن المزيد من الأكسجين فجاءني طفل يبيع المناديل وعلى عكس العادة لم يستجديني للشراء منه وقف صامتاً ينظر الي ولم ينطق سوى بهذه الكلمات :-

لابُدَّ مِنْ حُلْمٍ نُنَاضِلُ دونَهُ

‏مَا شَكْلُ دُنيانا بلا أَحْلامِ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :