جميلة الميهوب عندما نشبت الحرب في يوغوسلافيا شعرت بألم وحزن عظيم. كيف لهذه البشاعة أن تظهر من ذلك الشعب الطيب الجميل!؟ قطعة من الجنة سقطت سهواً وظلت معلقة في السماء. تلك القرية الجبلية الصغيرة البعيدة، البعيدة. دائمة الخضرة والضباب. لم أر فيها التراب ولم أر فيها أغنياء. جمال تلك القرية كجمال قلوب ساكنيها وبقدر معاناتهم. قرية جميلة ساحرة، مغلفة بالألم والطيبة. أهلها مزارعون وعمال بسطاء كادحون، بالكاد يملكون قوت يومهم. يصرّون على دعوتي لعشاء، مشروب أو قهوة كلما قابلت أحداً منهم. كنت وما زلت حتى هذه اللحظة أشعر بنوع من الخجل وتأنيب الضمير لقبولي دعواتهم أمام إصرارهم الشديد.